والأصل منذ مجيئها وإلى اليوم والغد، تبغي الخير والسلامة والعدالة والاستقرار والعيش بسلام في ديارها وفي العالم أجمع، سواء بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين غيرهم الذين يعيشون في ديار الإسلام وأوطانه، وإذا تحقق هذا الهدف، وهو سريع التحقق إذا طبقت أحكام الشريعة بأصولها وفروعها الصحيحة، وفي ضوء مقاصد التشريع العامة وروحه النقية الصافية، والتُزمت جميع الأحكام الشرعية، ليس في نطاق العقاب الصارم وحده، وإنما في مبنى الهيكل السياسي والاجتماعي والاقتصادي الشامل لجميع المواطنين في ديار الإسلام بحيث يشعر الناس أن مظلة الإسلام رحمة كلها، وخير كلها، وعدل كلها، ومصلحة كلها. وقد أثبتت التجارب أن العقوبات والأنظمة الوضعية لم تحقق للناس سعادتهم ولم تكفل أو تضمن لهم الأمن والسلامة والاستقرار لأموالهم وأنفسهم ومنازلهم وتحركاتهم وتنقلاتهم وأسفارهم.
ولا فرق في الحاجة إلى تطبيق شريعة الإسلام المدنية والجزائية بين عالم متمدن متحضر، وعالم بدائي أو متخلف، فالبشر هم البشر، والناس هم الناس، والكل يعرف أن أكبر نسبة للجرائم في العالم هي في الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه في كل دقيقة أو ثانية تقع جريمة في بريطانيا وأمريكا.
ومبدأ إقليمية قانون العقوبات وغيره في كل دولة معناه أن القانون يسري حكمه على كل ما يقع في إقليم الدولة من جرائم مهما كانت جنسية المجرم وصفته. وأساس هذا المبدأ حق الدولة في السيادة على إقليمها، سواء الإقليم الأرضي، والمائي، والجوي. والإقليم الأرضي يشمل جميع أجزاء حدود الدولة الجغرافية من مساحة الأرض اليابسة، والإقليم المائي يمتد إلى ذلك الجزء من البحر العام الملاصق لشواطئ الدولة، ويتحدد في العرف الدولي عرضه بثلاثة أميال