وتلافى المالكية بعض هذه الخلافات فقالوا: إذا وكلت وليها غير المجبر أن يزوجها ممن أحب، وجب عليه أن يعين لها الزوج قبل العقد، لاختلاف أغراض النساء في أعيان الرجال. فإن لم يعين الزوج لها، كان العقد موقوفاً على إجازتها، سواء زوجها من نفسه كابن العم والكافل والحاكم، أو زوجها من غيره، لاختلاف أغراض النساء من الرجال.
ثالثاً ـ حقوق العقد في الوكالة بالزواج:
حقوق العقد: هي الأعمال التي لا بد منها لتنفيذ مقتضى العقد، كالتسليم والتسلم والإيفاء والاستيفاء. ومن المتفق عليه أن حقوق عقد الزواج ترجع إلى الأصيل، وأما الوكيل فهو مجرد سفير ومعبر عن الموكل، فلا ترجع إليه حقوق العقد، فلا يطالب بإزفاف المرأة إلى زوجها، ولا بأداء المهر ولا غيره من الواجبات كالنفقة إلا أن يكون كفيلاً بما ذكر، وهذا بخلاف البيع أو الشراء، فإن حقوق العقد ترجع عند الجمهور غير الحنابلة إلى الوكيل لا إلى الموكل.
وحكم الرسول في الزواج كالوكيل.
وبناء عليه، تطالب الزوجة بزفافها إلى زوجها، ويطالب الزوج نفسه بأداء المهر إلى زوجته، وتقبض المرأة مهرها، وليس لوكيلها قبضه إلا بإذن منها صراحة أو دلالة، وإذا قبضه الأب أو الجد ولم تطالب به المرأة، كان سكوتها عند الحنفية إذناً دلالة للأب أوالجد بالقبض، فيصح قبضه وتبرأ ذمة الزوج من المهر، عملاً بما هو المعتاد بين الناس أن يقبض الآباء مهور بناتهم. وإذا كانت الزوجة ثيباً، فلا بد من الإذن الصريح بالقبض إذا كان الوكيل غيرا لأب أو الجد، ولا يعد سكوتها رضا بالقبض.