الموسر بمال أو كسب يستغني به، لا نفقة له؛ لأن نفقة القرابة تجب على سبيل المواساة والبر، والموسر مستغن عن المواساة والبر والصلة. ومن له مسكن يسكنه يكون فقيراً محتاجاً للنفقة؛ لأن الإيواء فيه ضرورة حياتية، فلا يباع عليه عقاره، أما إن كان له مسكن آخر زائد عن سكناه، فلا يعد محتاجاً، ولا يستحق النفقة على من سواه من الأصل أو الفرع، فيباع عليه؛ لأن فيه فضلاً عن حاجته.
والعجز عن الكسب يكون بإحدى الصفات التالية:
١ ً) ـ الصغر: أي الصغير الذي لم يبلغ به صاحبه حد الكسب، فإن بلغ الغلام لا الأنثى حد الكسب، كان للأب أن يؤجره أو يدفعه إلى حرفة ليكتسب منها، وينفق عليه من كسبه. أما الأنثى فلاتؤجر للخدمة، لما فيها من مخاطر الخلوة بها وهو لا يجوز شرعاً، لكن يجوز تعليمها عند امرأة حرفة معينة مناسبة لها كخياطة أو تطريز أو غزل ونحوها، فإن استغنت بنحوه، وجبت نفقتها في كسبها، ولا تجب نفقتها على الأب إلا إذا كان دخلها لا يكفيها، فتجب كفايتها بدفع القدر المعجوز عنه.
وأما الولد الكبير: فلا تجب نفقته على الأب إلا إذا كان عاجزاً عن الكسب لآفة في عقله كالجنون والعته، أو آفة في جسمه كالعمى والشلل وقطع اليدين والرجلين، أو بسبب طلبه العلم، أو بسبب انتشار البطالة وعدم تيسر الكسب له، أو بسبب المرض المانع له من الاكتساب.
وأوجب الحنابلة خلافاً للجمهور النفقة للولد الكبير الفقير، ولو كان صحيحاً، كما أوجبوها للوالد الفقير ولو كان صحيحاً؛ لأنه ولد أو والد فقير محتاج، فاستحق النفقة على والده أو ولده الغني، كما لو كان مريضاً بمرض