للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كانت الجهالة القليلة ما نعة من صحة التوكيل بالشراء، لما فعله الرسول عليه السلام؛ لأن جهالة الصفة لا ترتفع بذكر الأضحية وقدر الثمن، ولأن الجهالة القليلة في باب الوكالة لا تفضي إلى المنازعة؛ لأن مبنى التوكيل على المسامحة.

وضابط الجهالة القليلة: هو أنه إذا كان اسم ما وكل بشرائه مما لا يتناول إلا نوعاً واحداً، وذكر فيه أحد أمرين: إما الصفة أو مقدار الثمن، فتكون الجهالة قليلة.

وأما إذا كان اسم ما وكل بشرائه يتناول أنواعاً مختلفة أو في حكم الأنواع المختلفة، فإن الجهالة تكون كثيرة، فلا تجوز الوكالة إلا إذا بين النوع الموكل بشرائه، ولا يكفي بيان مقدار الثمن أو الصفة.

وعلى هذا فإن الجهالة اليسيرة: هي جهالة النوع المحض أي الذي لا تتفاوت قيم آحاده تفاوتاً فاحشاً.

وأما الجهالة الكثيرة: فهي جهالة الجنس. وعلى هذا، يغتفر الحنفية من الغرر في الوكالة ما لا يغتفرونه في البيع، والجهالة التي اعتبروها هنا: هي جهالة فاحشة مانعة من صحة البيع عند

أكثرهم ومن لزومه عند بعضهم (١).

من أمثلة الجهالة القليلة ما يلي:

إذا قال الموكل للوكيل: (اشتر لي صوفاً انكليزياً أو هندياً أو يابانياً) تصح الوكالة لأنه بين الصفة، أو قال: (اشتر لي صوفاً بألف ليرة) تصح الوكالة، لأنه بين مقدار الثمن.


(١) رسالة الغرر وأثره في العقود للدكتور الصديق الأمين: ص ٥٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>