للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان النهي بسبب أمر مجاور للعقد غير ملازم له وليس شرطاً فيه، كان مقتضاه الكراهة للإقدام عليه في هذه الحال كالبيع وقت النداء لصلاة الجمعة.

وعلى هذا فإن غير الصحيح عند الحنفية نوعان: باطل وفاسد.

أما العقد الباطل: فهو ما اختل ركنه أو محله، أو ما لم يشرع بأصله ولا بوصفه، كأن يكون أحد العاقدين فاقد الأهلية، كالمجنون وغير المميز، والمميز فيما يضره ضرراً محضاً، أو أن تكون الصيغة غير سليمة، أو يكون محل العقد غير قابل لحكم العقد شرعاً، كبيع ما ليس بمال، أو ما ليس مالاً متقوماً كالخمر والخنزير والسمك في الماء، وكبيع شيء من الأموال العامة كجزء من الطريق أو من مشفى أو مسجد، وكالبيع الذي جعل الثمن فيه غير مال أصلاً كالميتة (١)، أو الشيء المباح. وفي الزواج كالعقد على إحدى المحارم أو التي لم تنته عدتها من مطلقها، أو المتزوجة بزوج آخر، فكل هذه العقود باطلة.

وحكم الباطل: أنه لا يعد منعقداً أصلاً، وإن وجدت صورته في الظاهر، فلا يترتب عليه أي أثر شرعي، فلا يفيد نقل الملكية أصلاً، إذ لا يعد موجوداً بحال.

وأما العقد الفاسد (٢): فهو ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه، أي كان


(١) إذا كان الفساد يرجع للمبيع فالبيع باطل كبيع الخمر والخنزير والميتة والدم، وإن كان الفساد يرجع للثمن: فإن كان الثمن مالاً عند بعض الناس كالخمر والخنزير فالبيع فاسد، وإن كان الثمن ليس مالاً أصلاً كالميتة والدم فالبيع باطل.
(٢) الفساد مرتبة متوسطة بين البطلان والصحة، وليس له نظير في القوانين. أما البطلان المطلق فيقابل البطلان عند الشرعيين، وأما البطلان النسبي فيقابل العقد الموقوف أحياناً وذلك في حال نقص الأهلية أو العقد غير اللازم أحياناً وذلك في حالات عيوب الرضا؛ لأن الباطل بطلاناً نسبياً صحيح إلى أن يقضي القاضي بإبطاله بناء على طلب صاحب المصلحة بإبطاله كالمدلس عليه. ويمكن لصاحب المصلحة إجازة الباطل نسبياً.
أما الفاسد في الفقه الحنفي فهو غير صحيح ولا يترتب عليه أثر، ويجب فسخه إما بطلب أحد العاقدين أو بواسطة القاضي بمجرد علمه، لأنه يحمي أحكام الشريعة. ولا يملك أحد إجازة الفاسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>