وإما أن يكون الوقف بلفظ غير صريح: مثل حرمته للفقراء، أو أبَّدته عليهم، فهو في الأصح كناية؛ لأنهما لا يستعملان مستقلين، وإنما يؤكد بهما الألفاظ السابقة.
والأصح أن قوله: جعلت البقعة مسجداً، تصير به مسجداً، وإن لم يقل (لله) لأن المسجد لا يكون إلا وقفاً، فأغنى لفظه عن لفظ الوقف ونحوه. ولو بنى مسجداً في موات، ونوى جعله مسجداً، فإنه يصير مسجداً، ولم يحتج إلى لفظ، فهذا مستثنى من اشتراط اللفظ للوقف.
ورأي الحنابلة (١): الوقف إما بلفظ صريح أو كناية. فالصريح: مثل: وقفت وحبَّست وسبَّلت، ويكفي أحدهما، لاستعماله شرعاً وعرفاً. والكناية مثل: تصدقت، وحرّمت، وأبّدت، لأنه لفظ مشترك، فإن الصدقة تستعمل في الزكاة، وفي صدقة التطوع، والتحريم صريح في الظهار، والتأبيد يستعمل في كل ما يراد تأبيده من وقف وغيره. ولا يصح الوقف بالكناية إلا بأحد أمور أربعة هي:
١ - نية المالك.
٢ - أو اقتران لفظ الكناية بأحد الألفاظ الخمسة وهي الألفاظ الصرائح الثلاث، ولفظا التحريم والتأبيد، فيقول: تصدقت بكذا صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو مؤبدة، أو محرمة.
٣ - أو وصف الكناية بصفات الوقف، فيقول: تصدقت به صدقة لاتباع أو لا توهب، أو لا تورث.