تحديد مقتضيات العقود، أو آثارها ضمن نطاق حقوقهما ومصالحهما في كل ما لا يصادم نصوص الشريعة أو أصولها الثابتة.
وهذا الاتجاه لعمر وشريح وابن شبرمة والحنابلة يتفق تماماً مع ما تقرره القوانين الحديثة من مبدأ سلطان الإرادة، وإعطاء الحرية للعاقدين في اشتراط أي شرط لا يخالف قواعد النظام العام أو الآداب أو النصوص القانونية الخاصة.
[مزايا الفقه الحنبلي في الشروط]
كان للاجتهاد الحنبلي في حرية الاشتراط العقدي مزايا مهمة فيما يأتي:
١ً ـ الزواج: أجاز الحنبلية الأخذ بمبدأ حرية الاشتراط في الزواج، لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج» ولما للزواج من جانب كبير من الخطورة والقدسية، إذ تقوم عليه أسرة تتطلب الحفاظ عليها، فتكون رعاية الشروط التي فيها منفعة أوجب وألزم من العقود الأخرى.
إنهم أجازوا خلافاً للحنفية والشافعية والمالكية للزوجين اشتراط ما شاءا من الشروط التي فيها منفعة مقصودة لا تتعارض مع موضوع الزواج ونصوص الشريعة.
وذلك كاشتراط المرأة ألا يسافر بها زوجها، أو ألا ينتقل بها من دارها ويسكن معها، أو ألا يتزوج عليها، أو أن يطلق امرأته الأولى (١)، أو اشتراط أحد الزوجين كون الآخر موسراً ونحو ذلك.
(١) اختلف الحنابلة في صحة هذا الشرط، فنص ابن قدامة صاحب المغني على عدم صحة هذا الشرط، ولكن أكثر الحنابلة على القول بالصحة (المغني: ٥٦٠/ ٦، تصحيح الفروع: ٥٦/ ٣).