طروء العذر بعد الإفطار عمدا ً: إن حدوث السفر أو المرض بعد الجماع، أو الأكل المقيس عليه عند القائلين به، لا يسقط الكفارة عند الشافعية والمالكية والحنابلة؛ لأن العذر معنى طرأ بعد وجوب الكفارة، فلم يسقطها، ولأن السفر المنشأ في أثناء النهار لا يبيح الفطر عند غير الحنابلة، فلا يؤثر فيما وجب من الكفارة، ولأن المرض، لا ينافي الصوم، فيتحقق هتك حرمته.
ورأى الحنفية أن الكفارة تسقط بعد الإفطار بطروء حيض أو نفاس أو مرض مبيح للفطر في يومه الذي أفسده؛ لأن اليوم لا يتجزأ ثبوتاً وسقوطاً للكفارة، فتمكنت الشبهة في عدم استحقاقه من أوله بعروض العذر في آخره، ولا تسقط عمن سوفر به كرهاً أو سافر اختياراً، بعد لزومها في ظاهر الرواية، والفرق بين الحالين أنه في السفر المكره عليه لم يجئ العذر من قبل صاحب الحق، وفي غير السفر تمكنت الشبهة في عدم استحقاق الكفارة من أول اليوم بعروض العذر في آخره؛ لأن الكفارة إنما تجب في صوم مستحق، وهو لا يتجزأ ثبوتاً وسقوطاً.
[المطلب الثالث ـ الفدية]
أما الفدية: فالكلام في حكمها، وسببها، وتكررها بتكرر السنين (١):
ف حكم الفدية: الوجوب، لقوله تعالى:{وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}[البقرة:١٨٤/ ٢] أي على الذين يتحملون الصوم بمشقة شديدة الفدية. والفدية عند الحنفية: نصف صاع من بُرّ، أي قيمته، بشرط دوام عجز الفاني والفانية إلى
(١) مراقي الفلاح: ص١١٦، الكتاب مع اللباب: ١٧٠/ ١ - ١٧١، فتح القدير: ٨١/ ٢ - ٨٢، الشرح الصغير: ٧٢٠/ ١ - ٧٢٢، بداية المجتهد: ٢٨٩/ ١، القوانين الفقهية: ص١٢٤، مغني المحتاج: ٤٤٠/ ١ ومابعدها، المهذب: ١٧٨/ ١،١٨٧، المغني: ١٣٩/ ٣ - ١٤٣، كشاف القناع:٣٨٩/ ٢ ومابعدها.