للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله إذا استأجر إنسان خياطاً ليخيط له في منزله قميصاً: فإن خاط بعضه لم يكن له أجر؛ لأن هذا العمل لا ينتفع ببعضه، فإذا فرغ منه، ثم تلف، فله الأجر، ولا ضمان عليه في قول أبي حنيفة؛ لأنه صار مسلماً للعمل لحصوله في ملك صاحبه. وفي قول الصاحبين: تكون العين مضمونة، فلا يبرأ عن ضمانها إلا بتسليمها إلى مالكها، فإن هلك الثوب فإن شاء ضمنه قيمته صحيحاً ولا أجر له، وإن شاء ضمنه قيمته مخيطاً وله الأجر.

المبحث السادس ـ اختلاف المتعاقدين في الإجارة إذا اختلف المتعاقدان في عقد الإجارة في مقدار البدل أو المبدل، وكانت الإجارة صحيحة فإما أن يحصل الاختلاف قبل استيفاء المنافع أو بعد استيفائها (١).

فإن اختلفا قبل استيفاء المنافع تحالفا أي حلَّف كل منهما الآخر، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادّا» (٢).

وبما أن الإجارة نوع من البيع فيتناولها الحديث، وإذا تحالفا تفسخ الإجارة، وإذا نكل أحدهما عن اليمين لزمه ما ادعى به صاحبه.


(١) راجع البدائع: ٢١٨/ ٤ ومابعدها، تكملة فتح القدير: ٢١٨/ ٧، المبسوط: ١٠/ ١٦، رد المحتار على الدر المختار: ٥١/ ٥.
(٢) أخرجه أصحاب السنن الأربعة والشافعي من طرق بألفاظ منها «إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة، فالقول مايقول صاحب السلعة أو يترادان» وزاد ابن ماجه: «والمبيع قائم بعينه» وكذلك أحمد في رواية: «والسلعة كما هي» وقد صححه الحاكم وابن السكن (انظر نصب الراية: ٥/ ٤ ومابعدها، نيل الأوطار: ٢٢٣/ ٥) قال الشوكاني: والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه لعدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج، والتراد مع التلف ممكن بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثلي وقيمة القيمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>