للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسكران أيضاً ليست له إرادة حقيقية في التصرف، لكن مع ذلك اختلف الفقهاء في تصرفاته، كما تقدم سابقاً.

فقال الإمام أحمد وبعض المالكية (١): لا تعتبر تصرفات السكران، لعدم توفر القصد الصحيح عنده، فلا يصح بيعه وشراؤه وعقوده وطلاقه وسائر أقواله. وبه أخذ قانون الأحوال الشخصية في سوريا ومصر، وهو الرأي الراجح والمعقول لدينا. لكن المشهور في مذهب المالكية: نفوذ طلاق السكران.

وقال الحنفية والشافعية (٢): إذا كان السكر بمباح كحالة البنج والاضطرار والإكراه ونحوها، فلا تعتبر أقواله وأفعاله، ولا أثر لعبارته، لعدم تحقق القصد منه. وإذا كان السكر بمحرم فيؤاخذ بأقواله عقاباً وزجراً له، فتصح عقوده كالبيع والزواج، وتصح تصرفاته كالطلاق، وتترتب عليها آثارها.

[٢ - عدم فهم العبارة]

إذا لم يفهم الشخص عبارة غيره الذي نطق بعبارة تدل على الرضا بالتصرف لم ينعقد العقد، سواء في الإيجاب أو القبول؛ لأن العبارة الصادرة منه لا تدل على قصد صحيح، ولا تعبر عن إرادته، والإرادة أو القصد أساس الرضا.

لكن قال الحنفية (٣): إذا كان التصرف مما يستوي فيه الجدل والهزل كالزواج والطلاق

والرجعة واليمين، وعلم العاقدان أن اللفظ المستخدم ينعقد به التصرف، وإن لم يعلما حقيقة معناه، فينعقد به التصرف؛ لأن فهم اللفظ أمر مطلوب لأجل


(١) المغني: ١١٣/ ٧، الشرح الكبير: ٥/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٢٢٧، وهذا رأي الكرخي والطحاوي من الحنفية.
(٢) فتح القدير: ٤٠/ ٣، نهاية المحتاج: ١٢/ ٣.
(٣) فتح القدير: ٢٤٩/ ٢، الدر المختار ورد المحتار: ٣٦٧/ ٢، ط الأميرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>