للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما رواه البخاري ومسلم في حديث أبي من تعريف اللقطة ثلاثة أحوال (أعوام) أو أربعة أو عشرة، هو غلط من بعض الرواة كما حقق ابن الجوزي، أو هو محمول على مريد الورع عن التصرف في اللقطة (١).

وأما الشيء الحقير: فقال الشافعية: الأصح أن الشيء الحقير، أي القليل المتمول وهو بقدر الدينار أو الدرهم لا يعرَّف سنة، لقول عائشة: «لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به» وقدر بما لا تقطع به يد السارق وهو ربع دينار عند الجمهور، وعشرة دراهم عند الحنفية، بل يعرف زمناً يظن أن فاقده يعرض عنه غالباً، وهذا هو الراجح عند المالكية. وفي رواية عن أبي حنيفة: مضمونها إن كانت قيمة الشيء أقل من عشرة دراهم (أي دينار) يعرّفه أياماً بحسب ما يرى، وإن كانت عشرة دراهم فصاعداً عرّفها حولاً، إلا أن هذه الرواية ليست هي ظاهر الرواية عند الحنفية فقد قال الطحاوي: وإذا التقط لقطة فإنه يعرفها سنة، سواء أكان الشيء نفيساً أم خسيساً في ظاهر الرواية.

وظاهر الرواية عند الحنفية هو ظاهر المذهب عند الحنابلة (٢).

وأما الشيء التافه فقد قال الفقهاء: لا خلاف في إباحة أخذ اليسير من الأشياء والانتفاع به من غير تعريف كالتمرة والكسرة والخرقة؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها بل قال له: «لو لم تأتها لأتتك» ورأى النبي صلّى الله عليه وسلم تمرة فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» (٣) ويلاحظ أن الأمر


(١) راجع نصب الراية: ٤٦٧/ ٣، نيل الأوطار: ٣٤٠/ ٥ وما بعدها.
(٢) بداية المجتهد: ٢ ص ٣٠١، ٣٠٣، الشرح الكبير: ١٢٠/ ٤، المغني: ٦٣٢/ ٥، ٦٣٤، المهذب: ٤٣٠/ ١، مغني المحتاج: ٤١٥/ ٢، البدائع: ٢٠٢/ ٦، تبيين الحقائق: ٣٠٢/ ٣ وما بعدها، فتح القدير: ٤٢٤/ ٤ وما بعدها، مختصر الطحاوي: ص ١٣٩.
(٣) ذكر ابن قدامة الحنبلي هذين الحديثين (راجع المغني: ٦٣٤/ ٥) روى الثاني منهما البخاري ومسلم عن أنس (سبل السلام: ٩٣/ ٣، الإلمام: ص ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>