ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة:«إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائماً فليصل، وإن كان مفطراً فليطعم».
أما الأعذار: فقال الشافعية: إن دعي الشخص إلى موضع فيه منكر من زمر أو طبل أو خمر: فإن قدر على إزالته لزمه أن يحضر لوجوب الإجابة، ولإزالته المنكر، وإن لم يقدر على إزالته، لم يحضر، لما روي «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى أن يجلس على مائدة تدار فيها الخمر»(١).
وقال الحنابلة: تكره إجابة من في ماله حرام كأكله منه، ومعاملته وقبوله هديته وهبته وصدقته، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلّته. ويستحب بالاتفاق أكله ولو صائماً صوماً غير واجب؛ لأنه يدخل السرور على من دعاه. ومن دعاه أكثر من واحد، أجاب الكل إن أمكنه، وإلا أجاب الأسبق قولاً، فالأدين فالأقرب رحماً، فجواراً، ثم أقرع، أي لجأ إلى القرعة.
وقال المالكية: تجب الإجابة على من عيّن للوليمة بالشخص، إن لم يكن في المجلس من يُتأذى منه لأمر ديني، كمن شأنه الخوض في أعراض الناس، أو من يؤذيه، أو كان في المجلس منكر كفرش حرير يجلس عليه، وآنية ذهب أو فضة لأكل أو شرب أو تبخير أو نحوها، أو كان هناك سماع غانية ورقص نساء وآلة لهو غير دف وزمارة وبوق، وصور حيوان كاملة لها ظل، لا منقوشة بحائط أو فرش؛ لأن تصاوير الحيوانات تحرم إجماعاً إن كانت كاملة لها ظل مما يطول استمراره، بخلاف ناقص عضو لا يعيش به لو كان حيواناً، وبخلاف ما لا ظل له، كنقش في ورق أو جدار. والنظر إلى الحرام حرام، وتصوير غير الحيوان كالسفن والأشجار لا حرمة فيه.
(١) رواه أبو داود عن ابن عمر بلفظ «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة عليها الخمر .. ».