للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وسبعة إذا رجعتم} [البقرة:١٩٦/ ٢] ولقوله صلّى الله عليه وسلم:

«فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» (١)،فلا يجوز صومها في الطريق لذلك. فإن أراد الإقامة بمكة، صامها بها.

وفصل الحنابلة رأيهم في الصوم فقالوا (٢): لا يجب التتابع في صوم الأيام. ولكل من صوم الثلاثة والسبعة وقتان: وقت جواز، ووقت استحباب.

فوقت الاستحباب أو الاختيار لصوم الثلاثة: هو أن يصومها ما بين إحرامه بالحج ويوم عرفة، ويكون آخر الثلاثة يوم عرفة، للحاجة إلى الصوم في هذا الوقت، وإن كان صومه غير مستحب.

وأما وقت جواز صوم الثلاثة: فهو إذا أحرم بالعمرة، كما قال الحنفية، خلافاً للمالكية والشافعية القائلين بأنه لا يجوز الصوم إلا بعد الإحرام بالحج. ودليل الأولين: أن إحرام العمرة أحد إحرامي التمتع، فجاز الصوم بعده كإحرام الحج كتقديم الكفارة على الحنث. ودليل الآخرين آية: {فصيام ثلاثة أيام في الحج} [البقرة:١٩٦/ ٢].

وأما وقت الاختيار لصوم السبعة: فهو إذا رجع إلى أهله، للآية والحديث المتقدمين. وأما وقت الجواز: فمنذ تمضي أيام التشريق سواء في الطريق أو بمكة كيف شاء؛ لأن كل صوم لزمه وجاز في وطنه، جاز قبل ذلك كسائر الفروض، وأما الآية {إذا رجعتم} [البقرة:١٩٦/ ٢] فإن الله تعالى جوز له تأخير الصيام الواجب، فلا يمنع ذلك الإجزاء قبله، كتأخير صوم رمضان في السفر والمرض بقوله سبحانه: {فعدة من أيام أخر} [البقرة:١٨٤/ ٢]، ولأن الصوم وجد من أهله بعد وجود سببه، فأجزأه كصوم المسافر والمريض.


(١) رواه الشيخان عن ابن عمر.
(٢) المغني: ٤٧٦/ ٣ - ٤٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>