للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلحة (من غير مبالاة) أو صرفه في شهوات نفسانية على خلاف عادة مثله في مأكله ومشربه وملبوسه ومركوبه ونحوها، أو بإتلافه هَدَراً، كأن يطرحه على الأرض أو يرميه في بحر ونحوه.

وقد اختلفت المذاهب في تعريفه وفي أحكامه.

١ - مذهب الحنفية (١): السفه: هو تبذير المال وتضييعه على خلاف مقتضى الشرع أو العقل، ولو في الخير، كأن يصرفه في بناء المساجد ونحوها. والتبذير كالإسراف في النفقة، وأن يتصرف تصرفات لا لغرض، أو لغرض لا يعده العقلاء المتدينون غرضاً كدفع المال إلى المغنين، والغبن في التجارات من غير محمدة (٢).

والسفيه: الخفيف العقل، المتلف لماله فيما لا غرض له فيه، ولا مصلحة. وحكمه مختلف فيه، فقال أبو حنيفة: لا يحجر على الحر العاقل البالغ بسبب السفه والدَّيْن والفسق والغفلة. فلا يحجر على السفيه ويظل تصرفه في ماله جائزاً، وإن كان مبذراً مفسداً يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة؛ لأن في سلب ولايته على ماله إهدار آدميته، وإلحاقه بالبهائم، وهو أشد ضرراً من التبذير، فلا يتحمل الضرر الأعلى لدفع الأدنى. قال تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} [النساء:٢/ ٤] والمراد به بعد البلوغ (٣).

لكن إذا بلغ الغلام غير رشيد لإصلاح ماله، لم يسلم إليه ماله في أوائل بلوغه، حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة. وإن تصرف في ماله بعد البلوغ قبل أن


(١) البدائع: ١٦٩/ ٧، ١٧١، الدر المختار ورد المحتار: ١٠٢/ ٥ وما بعدها، تبيين الحقائق: ١٩٥/ ٥ ومابعدها، تكملة الفتح: ٣١٠/ ٧ ومابعدها، اللباب: ٦٨/ ٢ ومابعدها.
(٢) التسامح في التصرفات من حيث الأصل، والبر والإحسان مشروع، إلا أن الإسراف حرام كالإسراف في الطعام والشراب، قال تعالى: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} [الفرقان:٦٧/ ٢٥].
(٣) لكن يلاحظ أن هذه الآية مقيدة بآية: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} [النساء:٥/ ٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>