للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جمهور الفقهاء (١): إن نهي الشارع عن عقد ما: يعني عدم اعتباره أصلاً، وإثم من يقدم عليه. ولا فرق بين النهي عن ركن من أركان العقد (الصيغة وأهلية العاقدين ومحل العقد) أو النهي عن وصف عارض للعقد ملازم له أو مجاور، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتقدم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد، ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

وعليه إذا حدث عقد منهي عنه فهو باطل أو فاسد لا يترتب عليه أي أثر؛ لأن نهي الشرع عنه يجعله غير مشروع أو غير موجود، وإذا كان النهي لوصف فيسري إلى الموصوف.

وقال الحنفية (٢): قد يكون نهي الشارع عن عقد: معناه إثم من يرتكبه فقط، لا إبطاله، ويفرق بين النهي الراجع لأصل العقد (أي لخلل في الصيغة أو في العاقد أو في المحل) فيقتضي بطلان العقد وعدم وجوده شرعاً وعدم ترتب أي أثر عليه، وبين النهي العائد لأمر آخر كوصف من أوصاف العقد ملازم له، فيقتضي بطلان هذا الوصف فقط، ولا يتعدى البطلان إلى أصل العقد، لأنه استكمل عناصره الأساسية، فيكون العقد فاسداً فقط.

فالبيع الصادر عن عديم الأهلية، وبيع غير المال كالميتة، وبيع مال غير متقوم كالخمر والخنزير والسمك في الماء باطل؛ لأن الخلل فيه راجع لأصل العقد. والبيع المؤقت أو المشتمل على جهالة في الثمن أو المؤدي إلى النزاع في العقد كبيعتين في بيعة فاسد؛ لأن الخلل راجع لوصف في العقد خارج عن حقيقته وذاته وأركانه.


(١) بداية المجتهد: ١٦٦/ ٢، المستصفى: ٦١/ ١، الإحكام للآمدي: ٦٨/ ١، شرح جمع الجوامع للمحلي: ٨٠/ ١، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٦٩، الإبهاج: ٤٤/ ١.
(٢) مرآة الأصول: ٢٨٩/ ٢، كشف الأسرار: ص ٢٥٨، رد المحتار لابن عابدين: ١٠٤/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>