للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حكم البيع فمختلف فيه: فقال الظاهرية: إنه فاسد. وقال المالكية والحنابلة في المشهور عندهم: البيع صحيح ويثبت فيه الخيار للمشتري، إذا غبن فيه غبناً غير معتاد.

وقال الحنفية، والشافعية في الأصح: البيع صحيح مع الإثم، فهو مكروه تحريماً عند الحنفية، حرام عند الشافعية، لكن لا يكره النجش عند الحنفية إلا إذا زاد المبيع عن قيمته الحقة، فإن لم يكن بلغ القيمة فزاد لا يريد الشراء فجائز، ولا بأس؛ لأنه عون على العدالة.

وأما بيع المزايدة أو المزاد العلني وهو البيع ممن يزيد فجائز ليس من المنهي عنه، كما سأبين هنا وكما تقدمت الإشارة إليه.

بيع المزايدة: هو البيع على الصفة التي فعلها النبي صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه أحمد والترمذي عن أنس: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم باع قَدَحاً وحِلْساً (١) فيمن يزيد» وحكى البخاري عن عطاء: أنه قال: أدركت الناس لا يرون بأساً في بيع المغانم فيمن يزيد (٢). وروى ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور عن مجاهد قال: لا بأس ببيع من يزيد، وكذلك كانت تباع الأخماس، أي أخماس الغنائم. وقال الترمذي عقب حديث أنس المذكور: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، لم يروا بأساً ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث. قال ابن العربي: لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث، فإن الباب واحد والمعنى مشترك.

والظاهر الجواز مطلقاً؛ لأن القدح والحلس في حديث أنس المذكور لم يكونا من ميراث أو غنيمة، ويكون ذكرهما خارجاً مخرج الغالب؛ لأنهما الغالب على ماكانوا يعتادون البيع فيه مزايدة (٣).


(١) القدح الوعاء الذي يشرب فبه، والحِلْس: البساط أو الكساء الرقيق الذي يكون تحت برذعة البعير.
(٢) ووصله ابن أبي شيبة عن عطاء ومجاهد.
(٣) نيل الأوطار: ١٦٩/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>