فإن قال المدعي:(لي بينة حاضرة في البلد) وطلب اليمين من المدعى عليه لم يستحلف عند أبي حنيفة؛ لأن حق المدعي في طلب اليمين مرتب على عجزه عن إقامة البينة، كما في الحديث المذكور قريباً.
وقال أبو يوسف: يستحلف؛ لأن طلب اليمين حق المدعي، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم:«البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر»(١).
وهل يقضى بشاهد واحد ويمين المدعي، وهل ترد اليمين على المدعي أو يقضى على المدعى عليه بنكوله عن اليمين؟ هذا ما يجاب عنه في المبحث التالي:
[المبحث الرابع ـ حجج المتداعين أو طرق إثبات الحق]
طرق الإثبات التي يعتمد عليها في القضاء: هي الشهادة، واليمين، والنكول، والإقرار، أو الشهادة مع اليمين.
أما الشهادة: فهي حجة المدعي: لقوله صلّى الله عليه وسلم: «البينة على المدعي» ولأن المدعي يدعي أمراً خفياً، فيحتاج إلى إظهاره، وللبينة قوة الإظهار ..
وسأخصص مبحثاً للكلام عن الشهادات. والسبب في تكليف المدعي البينة أو الشهادة أن جانبه ضعيف، لكون دعواه خلاف الأصل، فكلف الحجة القوية وهي البينة، وأن جانب المدعى عليه قوي، لأنه متمسك بالأصل وهو البراءة، فاكتفي منه بالحجة الضعيفة وهي اليمين.
والبينة إما شهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو شاهد ويمين، أو أربعة رجال، أو أربع نسوة.