للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداث الضرر، وهلك المقصود المعين بالسبب المتخذ، كما في حالة الحفر ورجوع الشهود عن شهادتهم، والتسميم، والإكراه.

ولا بد من توضيح الكلام في الإكراه على القتل، والتسميم.

الإكراه على القتل: إذا أكره رجل غيره على قتل آخر بأن هدده بما يلحق ضرراً بنفسه أو ماله، فقال أبو حنيفة ومحمد: يجب القصاص على المكرِه، دون المستكره المباشر، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١) ولأن المستكره آلة للمكره، والقاتل معنى هو المكرِه، والموجود من المستكره صورة القتل فقط.

وقال أبو يوسف: لا قصاص على أحد، سواء المكره والمستكره، للشبهة؛ لأن المكره ليس بمباشر للقتل، وإنما هو مسبب له، وإنما القاتل هو المستكره.

وقال زفر: القصاص على المستكره؛ لأن القتل وجد منه في الحقيقة والواقع. وبه يتبين أن في المذهب الحنفي (٢) آراء ثلاثة أرجحها الأول.

وقال الجمهور (المالكية والشافعية في الأظهر عندهم، والحنابلة) (٣): يجب القصاص على المكره والمستكره جميعاً؛ لأن المكره متسبب في القتل بما يفضي إليه غالباً، والمستكره مباشر القتل عمداً عدواناً، ومؤثرْ في فعله استبقاء نفسه. وإني أرجح هذا الرأي.


(١) رواه ابن ماجه عن أبي ذر، والطبراني والحاكم عن ابن عباس، والطبراني أيضاً عن ثوبان بلفظ: «إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
(٢) البدائع: ١٧٩/ ٦، تكملة فتح القدير: ٣٠٢/ ٧، اللباب شرح الكتاب: ١١٢/ ٤.
(٣) الشرح الكبير للدردير: ٢٤٤/ ٤، مغني المحتاج: ٩/ ٤، المهذب: ١٧٧/ ٢، المغني: ٦٤٥/ ٧، كشاف القناع: ٦٠١/ ٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>