للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباشرته، لو ترك ونفسه. وقد عرفه السرخسي في المبسوط بأنه: «فعل يفعله الإنسان بغيره، فينتفي به رضاه، أو يزول به اختياره».

والمقصود بالرضا: هو الارتياح إلى فعل الشيء والرغبة به.

والمقصود بالاختيار: هو ترجيح فعل الشيء على تركه أو العكس.

نوعا الإكراه: الإكراه عند الحنفية نوعان: إكراه ملجئ أو كامل، وإكراه غير ملجئ أو قاصر.

والإكراه الملجئ: هو الذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار، وهو بأن يهدده بما يلحق به ضرراً في نفسه، أو في عضو من أعضائه. وحكمه: أنه يعدم الرضا ويفسد الاختيار، مثاله التهديد بالقتل أو التخويف بقطع عضو أو بضربٍ مبرِّح (أي شديد) متوال يخاف منه إتلاف النفس أو العضو، سواء قل الضرب أم كثر.

والإكراه غير الملجئ أو الناقص: هو التهديد بما لا يضر النفس أو العضو، كالتخويف بالحبس أو القيد، أو الضرب اليسير الذي لا يخاف منه التلف، أو بإتلاف بعض المال. وحكمه: أنه يعدم الرضا، ولا يفسد الاختيار (١).

وهناك نوع ثالث عند الحنفية وهو الإكراه الأدبي: وهو الذي يعدم تمام الرضا، ولا يعدم الاختيار، كالتهديد بحبس أحد الأصول أو الفروع، أو الأخ أو الأخت، أو نحوهم. وحكمه أنه إكراه شرعي استحساناً لا قياساً، كما قرر الكمال بن الهمام من الحنفية، ويترتب عليه عدم نفاذ التصرفات المكره عليها (٢).


(١) البدائع: ١٧٥/ ٧، تكملة فتح القدير: ٢٩٢/ ٧ ومابعدها، تبيين الحقائق: ١٨١/ ٥، درر الحكام: ٢٦٩/ ٢ ومابعدها، الدر المختار ورد المحتار: ٨٨/ ٥ ومابعدها، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي للمؤلف: ص ١٨٥ ومابعدها، الشرح الصغير: ٥٤٦/ ٢ ومابعدها، ط دار المعارف.
(٢) بحث الإكراه بين الشريعة والقانون للشيخ زكريا البرديسي: ص ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>