قال الشافعية: العلة في الذهب والفضة: هي النقدية أو الثمنية، أي كونهما أثماناً للأشياء، سواء أكانا مضروبين، أم غير مضروبين (مسكوكين)، ولا أثر لقيمة الصنعة في الذهب والفضة، فلو اشترى رجل بدنانير ذهباً مصوغاً قيمته أضعاف الدنانير، اعتبرت المماثلة في الكمية، ولا نظر إلى القيمة. والمقصود بعلة الربا في الذهب والفضة على المعتمد هو جنسية الأثمان غالباً، وهي منتفية عن الفلوس (وهي القروش وغيرها المصنوعة من معادن غير الذهب والفضة كالنيكل والبرونز والنحاس) وغيرها من سائر عروض التجارة، لا أنها قيم الأشياء؛ لأن الأواني والتبر والحلي يجري فيها الربا وليس مما يقوم بها، واحترز بغالباً: عن الفلوس إذا راجت فإنه لا ربا فيها. ولا أثر لقيمة الصنعة في ذلك. حتى لو اشترى بدنانير ذهباً مصوغاً، قيمته أضعاف الدنانير، اعتبرت المماثلة، ولا نظر إلى القيمة.
وبما أن الفلوس ومنها النقود الورقية الحالية أصبحت هي أثمان الأشياء غالباً، فإني أرى جريان الربا فيها، وهو الموافق لمذهب الحنفية.
وأما العلة في الأصناف الأربعة الباقية، فهي الطعمية ـ بضم الطاء، أي كونها مطعومة. والمطعوم يشمل أموراً ثلاثة:
أحدها: ما قصد للطعم والقوت كالبُّر والشعير، فإن المقصود منهما التقوت أي الأكل غالباً، ويلحق بهما ما في معناهما كالفول والأَرُزّ والذرة والحمص والترمس ونحوها من الحبوب التي تجب فيها الزكاة.
ثانيها: أن يقصد به التفكه، وقد نص الحديث على التمر، فيلحق به ما في معناه، كالزبيب والتين.