فإن تعدد الوكلاء كلاً في عقد خاص وأعمال خاصة، كان لكل منهم أن ينفرد في مباشرة ما وكل فيه دون استشارة غيره. وإن كان العمل واحداً، فلكل واحد القيام به وحده أيضاً، فتنتهي حينئذ وكالة الآخرين.
وإن كان التوكيل للجميع في عقد واحد، فليس لأحدهم ـ دون إذن الموكل ـ الانفراد بالتصرف بما وكلوا فيه؛ لأن تعددهم كان بقصد تحقيق التعاون والتشاور فيما بينهم ضماناً لصالح الموكل، ويستثنى من ذلك ما لا يحتاج من التصرفات لتبادل الرأي كرد الودائع ووفاء الديون، أو ما لا يمكن فيه الاجتماع كالمرافعة أمام القضاء، بشرط إعداد مذكرات الدفاع بالاشتراك بين جميع الوكلاء.
[الفرق بين الوكالة والرسالة]
يحسن بيان الفرق بين الوكيل والرسول تمهيداً لمعرفة من يلتزم بحقوق العقد، إذ يختلف الوكيل عن الرسول (١).
فالوكيل: هو الذي يتصرف برأيه وعبارته وتقديره، فيساوم ويعقد العقود حسبما يرى من المصلحة، ويتحمل تبعات تصرفاته، ويستغني غالباً عن إضافة العقد إلى موكله، فيقول: بعت أو اشتريت كذا، لا: باع أو اشترى فلان، فإذا أسند العقد لموكله، صار مجرد سفير ومعبر عن كلام الأصيل، فيصبح عندئذ كالرسول.
والرسول: هو الذي يقتصر على نقل عبارة مرسله، دون أن يتصرف برأيه وإرادته، وإنما يبلِّغ عبارة المرسل، وينقل رغبته وإرادته في التصرف، فيقول للمرسل إليه: أرسلني فلان لأبلغك كذا، فيضيف عبارته دائماً للمرسل، ولا يتحمل شيئاً من التزامات التعاقد.
(١) راجع مختصر أحكام المعاملات الشرعية لأستاذنا علي الخفيف: ص ١١٧ ومابعدها.