للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال المالكية في المشهور عندهم: ليس للمعير استرجاع العارية، قبل الانتفاع بها، وإذا كانت العارية إلى أجل، فلا يجوز للمعير الرجوع إلا بعد انقضاء الأجل. وإن لم يتحدد أجل، يلزم المعير من المدة ما يرى الناس أنه مدة لمثل تلك العارية، وقال الدردير في الشرح الكبير: الراجح أن للمعير أن يرجع في الإعارة ال مطلقة متى أحب (١).

وبهذا يظهر أن المالكية يسوغون الرجوع في العارية المطلقة ويمنعونه في العارية المقيدة بالشرط أو العمل أو الزمن أو العرف والعادة.

وسبب الخلاف بين الفريقين: هو ما يوجد في العارية من شبه العقود اللازمة وغير اللازمة.

[الرجوع في الأرض المعارة للبناء أو الغراس أو الزراعة]

قال الحنفية: إذ اكانت الإعارة مطلقة، فللمعير صاحب الأرض أن يستردها في أي وقت شاء؛ لأن الإعارة غير لازمة، ويجبر المستعير على قلع الغرس ونقض البناء؛ لأن في الترك ضرراً بالمعير، ولا يضمن المعير شيئاً من قيمة الغرس أو البناء؛ إذ أنه لم يغرر المستعير بشيء حيث أطلق العقد، بل هو الذي غرر بنفسه، حيث حمل المطلق على الأبد فهو مغتر غير مغرور.

وإن كانت الإعارة مؤقتة بوقت: فللمعير استرداد العارية أيضاً للحديث السابق: «المنحة مردودة، والعارية مؤداة». ولكن يكره الرجوع قبل انتهاء الوقت، لما فيه من خلف الوعد، وليس له إجبار المستعير على النقض والقلع، والمستعير حينئذ بالخيار: إن شاء ضمن المعير قيمة غرسه وبنائه؛ لأنه غره بتوقيت العارية،


(١) بداية المجتهد: ٣٠٨/ ٢، حاشية الدسوقي: ٤٣٩/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>