[المطلب السابع ـ أنواع الحقوق التي يجوز فيها اليمين]
هناك حقوق يجوز فيها اليمين بالاتفاق، وحقوق لا يجوز فيها اليمين اتفاقاً، وحقوق مختلف فيها على التفصيل التالي (١):
١ً - اتفق الفقهاء على عدم جواز التحليف في حقوق الله تعالى المحضة، سواء أكانت حدوداً كالزنا والسرقة وشرب المسكرات، أم عبادات كالصلاة والصوم والحج والنذر والكفارة، إلا إذا تعلق بها حق مالي لآدمي فيجوز؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، ولا يقضى فيها بالنكول عند الحنفية والحنابلة؛ لأنه بذل عند أبي حنيفة، وإقرار فيه شبهة العدم عند أحمد والصاحبين، والحدود لا تحتمل البذل، ولا تثبت بدليل فيه شبهة؛ لأن النكول قائم مقام الإقرار، ولا يجوز إقامة الحد بما يقوم مقام غيره. ولأنه لو أقر، ثم رجع، قبل منه وخلي من غير يمين، فلأن لا يستحلف مع عدم الإقرار أولى، ولأنه يستحب ستره.
وأما أن العبادات لا يستحلف فيها، فلأنها علاقة بين العبد وربه، فلا يتدخل فيها أحد، قال الإمام أحمد:«لا يحلف الناس على صدقاتهم» فإذا ادعى الساعي الزكاة على رب المال وأن الحول قد تم وكمل النصاب، فالقول عند أحمد قول رب المال من غير يمين. ونقل ابن قدامة عن الشافعي وأبي يوسف ومحمد أنه يستحلف؛ لأنها دعوى مسموعة، فتشبه حق الآدمي. أما إذا تعلق بالحدود وغيرها حق مالي للعباد كالمال في السرقة، فيجوز فيها الاستحلاف.
(١) تبيين الحقائق: ٢٩٧/ ٤، تكملة فتح القدير: ١٦٢/ ٦، ١٦٥، البدائع: ٢٢٧/ ٦، الشرح الكبير مع الدسوقي: ٢٢٧/ ٤، الوجيز للغزالي: ١٦٠/ ٢، المهذب: ٣٠١/ ٢ وما بعدها، الطرق الحكمية: ص ١١٠ وما بعدها، ١٢٤، المغني: ٢٣٧/ ٩ ومابعدها، البحر الزخار: ٤٠٤/ ٤ و ١٣٣/ ٥، شرائع الإسلام: ٢١٤/ ٢، ٢٢٣، شرح النيل: ٥٨٣/ ٦.