للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم السبي: يعرف حكم السبي ببحث الأحوال التي قد يتعرضون لها، وهي: القتل والاسترقاق، والمن والفداء (١).

أما القتل بعد الأسر فلا يجوز للنساء والذراري، أي الأولاد باتفاق العلماء، سواء أكانوا من أهل الكتاب، أم من قوم ليس لهم كتاب كالدهرية (٢) وعبدة الأوثان والثنوية (٣).

فإن اشترك النساء والأولاد في القتال مع قومهم بالفعل أو بالرأي، جاز قتلهم في أثناء القتال، وبعد الأسر عند جمهور الأئمة، لوجود العلة في قتل الأعداء: وهي المقاتلة. وخالف الحنفية في حالة القتل بعد الأسر، فلم يجيزوا قتل المرأة والصبي والمعتوه الذي لا يعقل؛ لأن القتل بعد الأسر بطريق العقوبة، وهم ليسوا من أهل العقوبة.

فأما القتل حال نشوب المعركة، فلدفع شر القتال، وقد وجد الشر منهم، فأبيح قتلهم فيه، لدفع الشر، وقد انعدم الشر بالأسر.

وأما الرق: فإنه إذا لم يجز قتل السبي بعد الأسر كما تقدم، فإن المالكية يرون أن الإمام يخير حينئذ بين الاسترقاق والمن والفداء.

وقال الحنفية: يسترقهم الإمام، سواء أكانوا من العرب أم من العجم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم استرق نساء هوازن وذراريهم (٤)، وكذا الصحابة استرقوا نساء المرتدين من العرب وذراريهم.


(١) راجع التفصيل في آثار الحرب للمؤلف: ص ٤١٨ وما بعدها، البدائع: ٧ ص ١١٩.
(٢) الدهرية ـ بفتح الدال وقد يضم: منسوبة إلى الدهر لقولهم: «ما يهلكنا إلا الدهر» فهم يقولون ببقاء الدهر وإن العالم لم يزل موجوداً كذلك بنفسه لا بصانع، فهم جحدوا الصانع المدبر العالم القادر (راجع المنقذ من الضلال للغزالي: ص ١٠).
(٣) الثنوية: هم القائلون بإلهين اثنين: وهما النور والظلمة (راجع اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي: ص ٨٨).
(٤) راجع نيل الأوطار، المرجع السابق: ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>