وأما الهدف العملي من العقوبة فواضح من خلال تطبيقها إذا التزمت ضوابط الشريعة وآدابها في التنفيذ والرقابة والرعاية والتوجيه، ومحاولات الإصلاح المتكررة في السجون بأساليب مختلفة تشمل الوعظ والإرشاد، والتشغيل وإيقاظ الضمير، والإحساس بمخاطر الجريمة، فإن كثيراً من السجناء ما عدا زمرة شاذة كان السجن مثلاً في الجرائم التعزيرية وسيلة لصلاحهم وعودتهم أسوياء ومواطنين صالحين، استقاموا على منهج الحياة الصحيحة.
وفضلاً عن ذلك فإن للسياسة الجنائية الإسلامية مجالاً آخر يتمثل في أسلوب المنع والوقاية من الجريمة قبل وقوعها، بواسطة نظام الحسبة وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في جميع مرافق الحياة، وبخاصة في الأسواق العامة، كما أن اتباع أساليب الدين وأحكامه الشرعية والاهتداء بهديها في العبادات والمعاملات والأخلاق، ووعظ الناس بتعاليم دينهم، وإرشادهم إلى الطريق السوي، والاعتماد على عناصر الترغيب والترهيب بآي القرآن الكريم والأحاديث النبوية، كل ذلك سيؤدي حتماً إلى صلاح المجتمع والأفراد، ويقلل من عدد الجرائم المرتكبة، لما له من أثر ملحوظ في التربية والثقافة والتهذيب الأخلاقي والاجتماعي، وتقويم الانحراف، والدفع الإيجابي إلى حياة أفضل وأقوم.
ثالثاً - أنواع الأحكام الشرعية ودورها الوقائي والعلاجي:
يلاحظ أن الأحكام الشرعية نوعان: أحكام أصلية وأحكام مؤيدة أو زجرية، أما الأحكام الأصلية الأساسية فهي التي تكوّن نظام الشريعة الأصلي في دائرة الإيجاب والمنع، والقصد من المنع وقاية الإنسان من المحظورات التي يترتب على اقترافها ضرر واضح في الدين أو النفس أو المال أو العقل أو العرض، فكان تحريم الحرام لاتقاء الإضرار والأذى، وليس لأغلب المحرّمات عقاب دنيوي، وإنما