أما عند الشافعية والحنابلة: فللزوجة أن تفسخ أذا أعسر الزوج بنفقة المعسر كلها أو بعضها، ولا تفسخ إذا أعسر بما زاد عن نفقة المعسر؛ لأن الزيادة تسقط بإعساره. ودليلهم على جواز الفسخ حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته؟ قال:«يفرق بينهما»(١) وحديث أبي هريرة أيضاً عند النسائي الذي ورد فيه: «وابدأ بمن تعول، فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: امرأتك تقول: أطعمني، وإلا فارقني» ولأنه عجز عن الإمساك بالمعروف، فينوب القاضي منابة في التفريق كما في الجب والعنة، بل أولى؛ لأن الحاجة إلى النفقة أولى، فإنه إذا ثبت للزوجة الفسخ بالعجز عن الوطء ـ والضرر فيه أقل ـ فلأن يثبت بالعجز عن النفقة ـ والضرر فيه أكثر ـ أولى.
وقال المالكية: تسقط النفقة عن الزوج بالإعسار مدة إعساره، أي لا تلزمه، ولا تكون ديناً عليه، فلا ترجع عليه الزوجة إذا أيسر، لقوله تعالى:{لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}[الطلاق:٧/ ٦٥] والمعسر عاجز عن الإنفاق، وتكون متبرعة فيما تنفقه على نفسها في زمن الإعسار. فإن أيسر وجبت عليه النفقة.
أما الحكم القانوني: ففي مصر نصت المادة (٢١٣ إجراءات شرعية) على أنه إذا امتنع المحكوم عليه عن النفقة المحكوم بها، حكمت المحكمة بحبسه، ولا يجوز أن تزيد مدة الحبس على عشرين يوماً، ويخلى سبيله إذا أدى ما عليه أو أحضر كفيلاً مقتدراً. ونصت المادة (٨٠) من القانون السوري على ما يلي:
١ - إذا حكم للزوجة بنفقة على الزوج، وتعذر تحصيلها منه، يلزم من يكلف
(١) أخرجه الدارقطني والبيهقي، وأعله أبو حاتم، ولكن للحديث شواهد عن سعيد بن المسيب عند سعيد ابن منصور والشافعي وعبد الرزاق في الرجل لا يجد ما ينفق على أهله، قال: «يفرق بينهما» قال: أبو الزناد: «قلت لسعيد: سنة؟ قال: سنة» وهذا مرسل قوي.