للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني ـ لا يزول إلا بحكم الحاكم؛ لأنه حجر ثبت بالحاكم، فلم يزل إلا بالحاكم، كالحجر على المبذر. ويختلف حكمه عن المجنون؛ لأن حجره ثبت بنفسه فزال بزواله.

وفي تقديري: أنه ينبغي أن يتضمن حكم القاضي بحجر المفلس تحديد غاية معينة للحجر، وهي أن يتم تصفية أموال المفلس، فإذا تحقق الهدف، زال أثر الحجر تلقائياً بدون حاجة لحكم القاضي.

[المبحث الرابع ـ تعلق الدين بالتركة]

ههنا أمور ثلاثة:

١ً - هل تحل الديون المؤجلة بالموت؟ يرى جمهور العلماء ومنهم أئمة المذاهب في رواية عن أحمد (١) أن الديون المؤجلة تحل بالموت، كما تحل عند الحنفية والمالكية خلافاً لغيرهم بالتفليس. قال الزهري: مضت السنة بأن دينه قد حل حين مات (٢). وحجتهم أن الله تبارك وتعالى لم يبح التوارث إلا بعد قضاء الدين. وفي رواية أخرى عن أحمد: لايحل الدين المؤجل بالموت أو الجنون إن وثق الورثة الدين برهن يحرز أو كفيل مليء.

وإذا لم يحل الدين بالموت، فلا يخلو إما أن يبقى في ذمة الميت، أو الورثة، أو يتعلق بالمال: لا يجوز بقاؤه في ذمة الميت لخرابها وتعذر مطالبته بها، ولا في ذمة الورثة؛ لأنهم لم يلتزموا الدين، ولا رضي صاحب الدين بذممهم، وهي مختلفة متباينة، ولا يجوز تعلق بأعيان أموال التركة، أو تأجيله؛ لأنه ضرر بالميت، وصاحب الدين، ولا نفع للورثة فيه. أما إضرار الميت فلأن ذمته تظل


(١) بداية المجتهد: ٢٨٢/ ٢، المغني: ٤٣٥/ ٤، المهذب: ٣٢٧/ ١، منار السبيل: ٣٥٤/ ١.
(٢) يدل له ما روى ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا مات الرجل وله دين إلى أجل، وعليه دين إلى أجل، فالذي عليه حالٌّ، والذي له إلى أجله» (المهذب: ٣٢٧/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>