للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء على مشروعية الصلح، لكونه من أكثر العقود فائدة، لما فيه من قطع النزاع والشقاق (١). ولا يقع الصلح في الغالب إلا من رتبة لما هو دونها، على سبيل المداراة للوصول إلى بعض الحق.

وحكمته: الحفاظ على المودة والألفة بين المسلمين، ونبذ التفرقة واستئصال أسبابها المؤدية إليها. ثبت في السنة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولاتقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً» وقال أيضاً: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» ويجوز الكذب في الصلح لإزالة النزاع وتحقيق الوفاق، أخرج البخاري ومسلم حديث «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فيَنمي (٢) خيراً ويقول خيرًا».

أنواع الصلح: يكون الصلح بين مسلمين وأهل حرب بعقد الذمة أو الهدنة أو الأمان، وبين أهل بغي وأهل عدل، وبين زوجين إذا خيف الشقاق بينهما أو خافت المرأة إعراض زوجها عنها، وبين متخاصمين في غير مال، وبين متخاصمين في المال، وهذا هو محل البحث هنا، وقسمه المالكية قسمين: صلح إسقاط وإبراء وهو جائز مطلقاً، وصلح على عوض، وهذا يجوز إلا إن أدى إلى حرام، وحكمه حكم البيع. والصلح في الأموال قسمان: أحدهما ـ أن يجري بين المدعي والمدعى عليه. وثانيهما ـ أن يجري بين المدعي والأجنبي أي الشخص الآخر غير المدعى عليه.

وكل واحد من هذين القسمين أنواع ثلاثة:

١ - صلح مع إقرار المدعى عليه: وهو أن يدعي شخص على شخص شيئاً،


(١) لذلك أبيح فيه الكذب.
(٢) ينمي خيراً: يبلّغ الحديث وينقله بين المتخاصمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>