للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود من الكلام هنا هو الصلح في المعاملات بين الناس، لا الصلح بين المسلمين والكفار، ولا الصلح بين الإمام والبغاة، ولا الصلح بين الزوجين عند الشقاق.

مشروعيته: الصلح بين الناس مندوب، ولا بأس بأن يشير الحاكم بالصلح على الخصوم، ولا يجبرهم عليه، ولا يلح فيه إلحاحاً يشبه الإلزام، وإنما يندبهم إلى الصلح ما لم يتبين له أن الحق

لأحدهما، فإن تبين له أنفذ الحكم لصاحب الحق. والصلح مشروع بالكتاب والسنة والإجماع (١):

أما الكتاب: فقوله تعالى: {والصلح خير} [النساء:١٢٨/ ٤] الوارد عقب ذكر مشروعية الصلح بين الزوجين. قال تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً، والصلح خير} [النساء:١٢٨/ ٤].

وأما السنة: فهو ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرفوعاً، وموقوفاً على عمر، وهو: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً» رواه ابن حبان وصححه (٢). مثال ما أحل حراماً: الصلح على حل الخمر ونحوه أو على أكثر من الدراهم المدعاة، ومثال ما حرم حلالاً: الصلح على ألا يطأ الزوج الضَّرة وهي امرأته الأخرى، أو يصالح زوجته على ألا يطلقها ونحو ذلك.


(١) المبسوط: ١٢٣/ ٢٠، مغني المحتاج: ١٧٧/ ٢، المغني: ٤٧٦/ ٤، كشاف القناع: ٣٧٨/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٣٣٧.
(٢) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقد سبق تخريجه في بحث الوديعة عن أبي هريرة عند أبي داود، والحاكم وابن حبان، وعن عمرو بن عوف عند الترمذي وابن ماجه والحاكم (راجع نصب الراية: ١١٢/ ٤. التلخيص الحبير: ص ٢٤٩، نيل الأوطار: ٢٥٤/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>