للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقال الحنابلة (١): التمتع أفضل، فالإفراد، فالقران، أي عكس الترتيب عند الشافعية بين الأول والثاني. والتمتع: أن يحرم بعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج في عامه من أين شاء بعد فراغه منها.

ودليلهم أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان متمتعاً، لما قال ابن عمر: «تمتع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عام حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى وساق الهدي معه من ذي الحليفة» (٢).

وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة» (٣).

هذه هي أقوال الفقهاء في بيان الأفضلية بين هذه الأنواع، والسبب في اختلافهم: اختلافهم فيما فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من ذلك، ولكل رأي ما يؤيده من الروايات الصحيحة، وأرجح الرأي الثاني؛ لأن رواة أحاديثه أكثر، ولأن جابراً منهم أقدم صحبة وأشد عناية بضبط المناسك، وبالإجماع على أنه لا كراهة في الإفراد، وبأن التمتع والقران يجب فيهما بالدم جبراً للنقص، بخلاف الإفراد. قال النووي في المجموع (٤): والصواب الذي نعتقده أنه صلّى الله عليه وسلم أحرم بحج، ثم أدخل عليه العمرة، فصار قارناً، وإدخال العمرة على الحج جائز على أحد القولين عندنا، وعلى الأصح لا يجوز لنا، وجاز للنبي صلّى الله عليه وسلم تلك السنة للحاجة، وأمر به في قوله: «لبيك عمرة في حجة» (٥).


(١) غاية المنتهى: ٣٦٦/ ١.
(٢) رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر (نصب الراية: ١١٣/ ٣).
(٣) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله (جمع الفوائد: ٤٦٩/ ١ ومابعدها).
(٤) المجموع: ١٥٠/ ٧.
(٥) رواه مسلم عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>