فيقول لها لاعباً أو مستهزئاً: طلقتك، ومثله من خاطبها بطلاق وهو يظنها أجنبية عنه وليست زوجته، بسبب ظلمة أو من وراء حجاب. والحكم أن يقع طلاق هؤلاء جميعاً؛ لأن كلاً من الهازل واللاعب أتى باللفظ عن قصد واختيار، وإن لم يرض بوقوعه، فعدم رضاه بوقوعه، لظنه أنه لا يقع: لا أثر له لخطأ ظنه. والدليل كما ذكر الحنابلة وغيرهم هو الحديث المتقدم:«ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة» وفي رواية «والعتاق» وفي رواية: «واليمين»، وقال علي كرم الله وجهه:«ثلاثة لا لعب فيهن: الطلاق والعتاق والنكاح» ولأن الهازل أتى بالسبب، وهو لفظ الطلاق، وترتيب الأحكام على أسبابها إنما هو للشارع لا للعاقد.
طلاق المخطئ أو من سبق لسانه: وهو الذي يريد أن يتكلم بغير الطلاق، فزلَّ لسانه، ونطق بالطلاق من غير قصد أصلاً، بأن أراد أن يقول: طاهر أو أنت طالبة، فقال خطأ: أنت طالق.
وحكمه: لا يقع طلاقه عند الشافعية، لعدم القصد.
وقال الحنفية والمالكية والحنابلة: لا يقع طلاقه في الفتوى والديانة، أي فيما بينه وبين الله تعالى، ويقع في القضاء. لكن قيد المالكية وقوعه قضاء بأن لم يثبت سبق لسانه بالبينة، وإلا فلا يلزمه في فتوى ولا في قضاء.
وسبب التفرقة بين الهازل والمخطئ: أن الهازل قصد اللفظ، فاستحق العقوبة والزجر عن اللعب بأحكام الدين، وأما المخطئ فلا قصد له أصلاً، فلم يستحق العقوبة والزجر، حتى يحكم بوقوع طلاقه.