للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به آفة، كما فعل الرسول عليه السلام مع ماعز، حيث قال له: أبك خبَل أم بك جنون؟ وبعث به إلى قومه، فسألهم عن حاله. فإذا عرف أنه صحيح العقل، سأله عن ماهية الزنا، وعن كيفيته، وعن مكانه، وعن المزني بها، للأسباب التي ذكرت في الشهادة على الزنا.

فإذا بين ذلك كله سأله القاضي عن حاله: أهو محصن أم لا؟ لأن حكم الزنا يختلف بالإحصان وعدمه. فإذا قال: أنا محصَن، سأله القاضي عن الإحصان: ماهو؟ لأنه عبارة عن اجتماع شرائط

لا يعرفها كل واحد. فإذا فسره التفسير الشرعي المطلوب، حكم عليه بالرجم وأمر بإقامته عليه (١).

[الرجوع عن الإقرار]

قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: إذا اعترف شخص عند القاضي بالزنا، ثم رجع عن إقراره بعد الحكم بالحد، أوبعد إقامة بعض الحد، أو هرب، فإنه يسقط عنه الحد (٢)، عملاً بحديث «ادرؤا الحدود بالشبهات»، والرسول عليه السلام لقن ماعزاً الرجوع بقوله: «لعلك مسستها أو لعلك قبلتها!» (٣) وقال لأصحابه حينما هرب ماعز فاتبَعوه: «هلا تركتموه، لعله أن يتوب، فيتوب الله عليه» (٤).


(١) المبسوط: ٤٦/ ٩، البدائع: ٥١/ ٧، فتح القدير: ١٢٠/ ٤، تبيين الحقائق: ١٦٦/ ٣.
(٢) فتح القدير: ١٢٠/ ٤، مغني المحتاج: ١٥٠/ ٤، المهذب: ٢٧١/ ٢، المغني: ١٩٧/ ٨.
(٣) رواه الحاكم في المستدرك بلفظ «لعلك مسستها أو قبلتها؟» من حديث ابن عباس، والحديث عند البخاري بلفظ: «لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟» وعند أحمد في مسنده بلفظ: «لعلك قبلت أو لمست أو نظرت؟» (راجع نصب الراية: ٣١٦/ ٤، سبل السلام: ٨/ ٤).
(٤) رواه أبو داود عن يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه. ورواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: «حسن» من حديث أبي هريرة بلفظ: «هلا تركتموه». (راجع جامع الأصول: ٢٨٧/ ٤، نيل الأوطار: ١٠٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>