الأمان، كما أن أحكام الشريعة في المعاملات المالية من بيوع وعقود وتعامل بالربا تطبق عليه باتفاق الفقهاء.
وقد اتخذت نظرية أبي حنيفة ومحمد ذريعة لإعفاء الأجانب من الخضوع لأحكام الشريعة مما سبَّب منح المستأمنين في عهد سليمان القانوني السلطان العثماني ما يسمى بالامتيازات الأجنبية التي قاست منها البلاد الإسلامية كثيراً، فكانت سبباً لاستغلال المسلمين، وتضييع حقوقهم، واستعلاء الأجانب عليهم، والحد من سلطة الدولة وسيادتها، والإعفاء من الاختصاص التشريعي والقضائي، ومن الأعباء المالية والخدمة العسكرية.
وينبني على رأي الجمهور أن الحصانة القضائية التي يترتب عليها في العرف الدولي الحديث عدم خضوع رجال السلك الدبلوماسي للولاية القضائية للدولة الموفد إليها، سواء في المسائل المدنية أو الجنائية أو الإدارية، هذه الحصانة غير مقررة لدى جماهير فقهائنا، فالمستأمن والسفير والقنصل ورئيس الدولة الأجنبية وغيرهم من ذوي الاستثناءات المتقدمة يسأل كل منهم مدنياً وجنائياً عما يرتكبه من أعمال مخالفة في بلاد الإسلام؛ لأن دفع الفساد واجب ملزم لكل من يقيم بين المسلمين، ولو مؤقتاً، والمجرم لا يستحق الحماية ولا يصلح لأداء وظيفته.
وأما الإمام أبو حنيفة وصاحبه محمد فيريان أيضاً مسؤولية المستأمن مدنياً وجنائياً، لكنه معفى فقط كما تقدم من المسؤولية الجنائية التي تتعلق بالحق العام (حق الله تعالى) الذي تمارسه الدولة وترعاه، كشرب الخمر والزنى.
ويرى أستاذنا المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة: أن العقوبات التعزيرية التي لم يرد في عقوبتها نص من كتاب أو سنة، أي غير الحدود الشرعية، يعفى منها الممثلون السياسيون مجاراة للعرف الدولي الحاضر، ومراعاة لمبدأ المعاملة بالمثل؛ لأن تقديرهذه العقوبات من حق ولي الأمر، وله الإعفاء منها لمصلحة عامة.