للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآجال وبيوع العينة، كأن يبيع إنسان سلعة بعشرة دراهم إلى شهر، ثم يشتريها بخمسة قبل الشهر، فالشافعي ينظر إلى صورة البيع، ويحمل الأمر على ظاهره، فيصحح العقد، وأما أبو حنيفة فهو وإن لم يقل بحكم سد الذرائع، يفسد البيع الثاني على أساس آخر: وهو أن الثمن إذا لم يستوف، لم يتم البيع الأول، فيصير الثاني مبنياً عليه.

وأخذ الإمامان مالك وأحمد بمبدأ سد الذرائع في هذه البيوع؛ لأنها وسيلة السلف بفائدة: خمسة بعشرة إلى أجل، بإظهار صورة البيع لذلك. قال ابن القيم: أحكام الشريعة تجري على الظاهر فيما عرف منه قصد المتكلم لمعنى الكلام، أو لم يظهر قصد يخالف كلامه، وأما النيات والمقاصد فتعتبر فيما ظهر فيه خلاف الصيغة والنطق (١). وهذا هو الحق الأبلج لدي، سداً لباب التحايل على الربا. فيكون الباعث السيء أو القصد غير المشروع سبباً واضحاً في إفساد البيع وبطلانه.

ثالثاً ـ محل النية: محل النية باتفاق الفقهاء وفي كل موضع: القلب وجوباً، ولا تكفي باللسان قطعاً، ولا يشترط التلفظ بها قطعاً، لكن يسن عند الجمهور غير المالكية التلفظ بها لمساعدة القلب على استحضارها، ليكون النطق عوناً على التذكر، والأولى عند المالكية: ترك التلفظ بها (٢)؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه التلفظ بالنية، وكذا لم ينقل عن الأئمة الأربعة. وسبب كونها في القلب في جميع العبادات: أن


(١) الفروق للقرافي: ٣٢/ ٢، أعلام الموقعين: ١١٧/ ٣ - ١٢٠، ٤٠٠/ ٤ ومابعدها.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص٤٦ - ٥١، القوانين الفقهية: ص٥٧، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي: ٢٣٣/ ١، ٥٢٠، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص٢٦ - ٣٠، كشاف القناع: ٣٦٥/ ١ طبع مكة، أحكام النية للحسيني: ص١٠، ٧٨، ٨٢، ٩٧، ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>