للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ ـ وإن كان وقت العبادة مشكلاً وهو الواجب ذو الشبهين كوقت الحج، فإنه يشبه الواجب المضيق أو المعيار باعتبار أنه لا يصح في السنة إلا حجة واحدة، ويشبه الواجب الموسع أو الظرف باعتبار أن أفعاله لا تستغرق وقته، فيصح الحج بمطلق النية نظراً إلى المعيارية. وإن وقع نفلاً، وقع عما نوى، نظراً إلى الظرفية.

[القواعد الشرعية الكلية المتعلقة بالنية]

استنبط الفقهاء من حديث عمر السابق: (إنما الأعمال بالنيات) ثلاث قواعد كلية، اعتمد عليها المجتهدون وأئمة المذاهب في بناء أصول مذاهبهم عليها، واستنباط أحكام الفروع الفقهية منها (١)، وهذه القواعد هي: لا ثواب إلا بالنية، الأمور بمقاصدها، العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني.

[القاعدة الأولى ـ (لا ثواب إلا بالنية)]

النية شرط في العبادات كما بينا إما بالإجماع، أو بآية: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنَفَاء} [البينة:٥/ ٩٨]، قال ابن نجيم الحنفي: والأول أوجه؛ لأن العبادة فيها ـ أي في الآية ـ بمعنى التوحيد، بقرينة عطف الصلاة والزكاة، فلا تشترط في الوضوء والغسل ومسح الخفين وإزالة النجاسة الحقيقية عن الثوب والبدن والمكان والأواني للصحة. وأما اشتراطها ـ أي النية ـ في التيمم فلدلالة آتية عليها؛ لأنه القصد. وأما غسل الميت فقالوا: لا تُشترط النية لصحة الصلاة عليه وتحصيل طهارته، وإنما هي شرط لإسقاط الفرض عن ذمة المكلفين (٢).


(١) هناك قواعد خمس يرجع جميع مسائل الفقه إليها وهي: الأمور بمقاصدها، والضرر يزال، والعادة محكَّمة، واليقين لايزول بالشك، والمشقة تجلب التيسير.
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص ١٤، ط دار الفكر بدمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>