للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرواية الأخرى عن أبي يوسف: أن الحلف بحق الله يكون يميناً؛ لأن الحق من صفات الله تعالى، وهو حقّيته أي كونه تعالى ثابت الذات موجودها، فكأنه قال: (والله الحق) والحلف به متعارف، فوجب كونه يميناً (١) وهذا هو رأي بقية الأئمة كما عرفنا.

الحلف بـ (لعمر الله): هي يمين موجبة الكفارة عند الجمهور؛ لأنه أقسم بصفة من صفات ذات الله، كالحلف ببقاء الله تعالى. وقال الشافعي: إن قصد اليمين فهي يمين وإلا فلا. وإن قال: (وأيم الله وأيمن الله) فهي عند الجمهور يمين موجبة للكفارة. وقال الشافعي: هي يمين إن قصد اليمين كما تقدم سابقاً (٢) .....

الحلف بلفظ (أقسم بالله ونحوه): إذا قال الحالف: (أقسم بالله، أو أحلف بالله أو أشهد بالله أو أعزم بالله لأفعلن كذا)، يكون يميناً، سواء نوى اليمين أو أطلق عند الحنفية والحنابلة، وفي الأصح عند الشافعية في حالة الإطلاق.

وقال المالكية: يكون يميناً إن نوى وأراد اليمين بالله، فإن لم يرد اليمين بالله فليست بيمين. والمراد بالنية: التقدير أي إن قدر أن هذا اللفظ يمين، فإذا لم يقدره ويلاحظه فلا يمين عليه.

والدليل على أن الحلف بذلك يمين هو عرف الناس واستعمالهم، قال الله تعالى: {فيقسمان بالله} [المائدة:١٠٦/ ٥] {وأقسموا بالله} [الأنعام:١٠٩/ ٦] ويدل عليه أنه لو قال الحالف: بالله ولم يقل: أقسم أو أشهد: أي لم يذكر الفعل، كان يميناً، وإنما كان يميناً بتقدير الفعل قبله؛ لأن الباء تتعلق بفعل مقدر، فإذا ذكر الفعل ونطق بالمقدَّر كان أولى بثبوت حكمه.


(١) فتح القدير: ٤ ص ١١، البدائع: ٣ ص ٧، تبيين الحقائق: ٣ ص ١١١، الدر المختار: ٣ص٦٢، الفتاوى الهندية: ٢ ص ٤٩.
(٢) المغني: ٦٩١/ ٨ - ٦٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>