للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يمنعوا إيجاب بعض الواجبات على المالك كبيع العقار على أن يقفه المشتري، أو يتصدق به، أو يقضي دين فلان أو يصل به رحمه (١). وهذا دليل على جواز الاشتراط لمصلحة الغير.

وصحح جماعة من الحنابلة خلافاً لبقية الفقهاء البيع بما ينقطع عليه السعر في المستقبل بتاريخ معين من غير تقدير ثمن أو تحديده وقت العقد، لتعارف الناس وتعاملهم به في كل زمان ومكان (٢)، كبيع القطن بما يستقر عليه سعر السوق في بورصة الأقطان في الساعة السادسة من يوم كذا. وهذا ما أخذ به القانون المدني السوري في المادة (٣٩٢) وكذا أصله المصري.

وجعل الحنابلة خلافاً لجمهور الفقهاء بيع العربون صحيحاً مشروعاً: وهو أن يبيع الشخص شيئاً، ويأخذ من المشتري مبلغاً من المال يسمى عربوناً لتوثيق الارتباط بينهما، فإن تم البيع بينهما احتسب العربون المدفوع من الثمن، وإن نكل المشتري كان العربون للبائع، هبة من المشتري له (٣). أخذ القانون المدني السوري في المادة (١٠٤) بطريقة بيع العربون هذه. وأصبحت طريقة البيع بالعربون في عصرنا الحاضر أساساً للارتباط في التعامل التجاري الذي يتضمن التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل والانتظار. ويسمى ضمان التعويض عن التعطل والانتظار في الفقه القانوني: الشرط الجزائي (٤). وقد أقره القاضي شريح بقوله «من شرط على نفسه طائعاً غير مكره عليه» (٥).


(١) فتاوى ابن تيمية: ٣٤٧/ ٣.
(٢) أعلام الموقعين: ٥/ ٤ ومابعدها، غاية المنتهى: ١٤/ ٢، نظرية العقد لابن تيمية ص٢٢٠.
(٣) غاية المنتهى: ٢٦/ ٢، المغني: ٢٣٢/ ٤، وكذلك صحح الحنابلة الإجارة بالعربون.
(٤) مصادر الحق للسنهوري: ٩٦/ ٣ ومابعدها، المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ف ٢٣٤.
(٥) أعلام الموقعين: ٤٠٠/ ٣، ط السعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>