للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أعمال العبادة البدنية التي لا يتعدى نفعها غير فاعلها كالصلاة والصيام ونحوهما من القربات الدينية، فلا يجوز أخذ الجعل عليه.

وما يتعدى نفعه لغير فاعله كالأذان وتعليم الفقه والقرآن والقضاء والإفتاء فيجوز أخذ الجعل عليه، لحديث أبي سعيد السابق في الرقية بالفاتحة.

والمشهور عند المالكية أنه لا بد من تحقيق منفعة مقصودة للجاعل، فمن جعل ديناراً لمن يصعد جبلاً مثلاً، لا لشيء يأتي به، لا يصح التزامه ولا جعالته. واشترط الشافعية في العمل: أن يكون فيه كلفة، وإلا فلا يستحق شيئاً؛ لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بعوض.

رابعاً ـ اشترط المالكية ألا يحدد للجعالة أجل، وقال غيرهم: يصح الجمع بين تقدير المدة والعمل، مثل من خاط لي هذا الثوب في يوم فله كذا، فإن أتى به في المدة استحق الجعل، ولم يلزمه شيء آخر، وإن لم يف به فيها فلا يلزمه شيء له، وذلك بخلاف الإجارة.

وأضاف بعض المالكية (القاضي عبد الوهاب خلافاً لابن رشد) شرطاً خامساً: وهو أن تكون الجعالة في العمل اليسير، ولو كان متعدداً كإبل كثيرة شردت. واشترط المالكية كما تقدم عدم شرط النقد للجعل، فإن شرط النقد يفسدها؛ لأنه سلف جر نفعاً بطريق الاحتمال، وأما تعجيل الجعل بلا شرط فلا يفسدها.

[صفة حكم الجعالة ووقت استحقاق الجعل]

اتفق الفقهاء القائلون بجواز الجعالة (١) على أنها بخلاف الإجارة عقد جائز


(١) بداية المجتهد: ٢٣٣/ ٢، الشرح الكبير للدردير: ٦٠/ ٤، ٦٥، مغني المحتاج: ٤٣٣/ ٢، المهذب: ٤١٢/ ١، كشاف القناع: ٢٢٨/ ٤، المغني: ٦٥٧/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>