هذا مع العلم بأن أصل المذهب الحنفي عدم جواز الحجر بسبب الدين. لكن المفتى به عند الحنفية هو قول الصاحبين وهو جواز الحجر. وكانت ديونه مستغرقة لماله (أي محيطة بها) وطلب الدائنون الغرماء الحجر عليه (١) وهذا هو المفلس، والمفلس لغة: من لا مال له، وشرعاً، من دينه أكثر من ماله. وأجاز المالكية الحجر على المدين المفلس دون حاجة لحكم قضائي، أي على الغريم نفسه، ولو كان الدين المحيط بالمال مؤجلاً.
وبالحجر على المدين تنتقص أهليته، ويصبح كالصغير المميز، ومتى وقع الحجر عليه صارت تصرفاته المالية التي تضر بدائنيه موقوفة على إجازتهم، سواء أكانت تلك التصرفات تبرعات محضة كالهبة أو الوقف، أم معاوضات مشتملة على المحاباة في الثمن، كالبيع بأقل من القيمة، أو الشراء بأكثر من القيمة، فإن أجازوا التصرف نفذ، وإن رفضوه بطل.
وهذا يعني عند الحنفية: أنه إذا صح الحجر على المدين، صار المحجور كمريض عليه ديون الصحة، فكل تصرف أدى إلى إبطال حق الدائنين الغرماء، فالحجر (أي المنع من التصرف) يؤثر فيه كالهبة والصدقة.
وأما البيع: فإن كان بمثل القيمة جاز، وإن كان بغبن فلا يجوز، ويتخير المشتري بين إزالة الغبن، وبين الفسخ، كبيع المريض.
ويجوز له الزواج بمهر المثل والطلاق والخلع ونحو ذلك، كما يجوز له قبول الهبات والتبرعات.
[٨ - مرض الموت]
البحث فيه يتناول تعريفه وما يلحق به، والحقوق المتعلقة به، وحقوق المريض
(١) نصت المادة (٩٩٨ مجلة) على ما يأتي «لو ظهر عند الحاكم مماطلة المديون في أداء دينه حال كونه مقتدراً، وطلب الغرماء بيع ماله وتأدية دينه حجر الحاكم ماله. وإذا امتنع عن بيعه وتأدية الدين باعه الحاكم وأدى دينه .. » ونصت المادة (٩٩٩) على جواز حجر الحاكم المدين المفلس الذي دينه مساوٍ لماله أو أزيد ...