للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نقد ومناقشة]

نوقش مذهب الشيعة في الإمامة فيما يتعلق بمبدأ اللطف في وجوب الإمام، وأدلتهم النقلية والعقلية. أما بالنسبة للّطف فكيف يتم قرب العبد من الطاعة وبعده عن المعصية بإمام غير ظاهر، فضلاً عن كونه غير متمكن ولا قادر. قال الرازي (١): «الإمام الذي تقولون بوجوبه غير ظاهر قاهر سائس، فلا أثر له ولا خبر» إذ أنهم يقولون (بالتقية) وهي جواز اختفاء الإمام. وقال ابن تيمية (٢): الإمام الذي تصفونه مفقود غالباً ومعدوم لا حقيقة له عند سواكم، ومثله لا يحصل به شيء من مقاصد الإمامة، بل الإمام الذي يقوم وفيه جهل وظلم أنفع لمصالح الأمة ممن لا ينفعهم بوجه. وقال الإيجي (٣): إنما يحصل اللطف بإمام ظاهر قاهر وأنتم لا توجبونه، فالذي لا توجبونه ليس بلطف، والذي هو لطف لا توجبونه.

وأما أدلتهم النقلية السمعية على تعيين الإمام فهي محل نظر، قال ابن حزم (٤): «وعمدة هذه الطوائف كلها في الاحتجاج أحاديث موضوعة مكذوبة». ومن المستحيل على الصحابة العدول المبشر بعضهم بالجنة أن يكتموا خبراً عن الرسول صلّى الله عليه وسلم، لا سيما في شأن الإمامة ذات الأثر الخطير والشهير. وهل يعقل أن يتم التعيين من النبي ولا يعلم المعين نفسه، وإذا عين، فلماذا لم يتمسك به ويخاصم عليه، ويقطع دابر الخلاف الذي حدث لاختيار الخليفة (٥)؟!

وكذلك أدلتهم العقلية القائمة على مبدأ العصمة تحتاج إلى تأمل ودعم


(١) الأربعين في أصول الدين: ص ٤٣٩، ط حيدر آباد.
(٢) المنتقى من منهاج الاعتدال: ص ٤٠٨.
(٣) المواقف: ص ٣٨٧.
(٤) الفصل في الملل والنحل: ٩٤/ ٤.
(٥) مقدمة ابن خلدون، الفصل ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>