ومن أمر رجلاً أن يزوجه امرأة، فزوجه اثنتين في عقد واحد، لم تلزمه واحدة منهما؛ لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة، ولا إلى التنفيذ في إحداهما لا على التعيين، للجهالة، ولا إلى تعيين واحدة منهما، لعدم الأولوية، فتعين التفريق.
٢ - الوكالة المطلقة: بأن لم يعين الموكل امرأة معينة ولا وصفاً معيناً ولا مهراً. اختلف أئمة الحنفية فيها:
رأى أبو حنيفة: أن للوكيل أن يزوجه بأية امرأة ولو غير كفء له، وبأي مهر، إلا إذا كان التصرف موضع تهمة؛ لأن القاعدة فيه عنده أن المطلق يجري على إطلاقه، فيرجع إلى إطلاق اللفظ وعدم التهمة، فله أن يزوجه بمقدار مهر المثل أو أكثر، أو يزوجه عمياء أو شلاء أو شوهاء، وإذا كان الموكل هو المرأة فينفذ العقد عليها متى كان الزوج كفئاً (١) سواء أكان الزواج بمهر المثل أم أقل، وسواء أكان الزوج صحيحاً أم مشوهاً، عملاً بالإطلاق، فأبو حنيفة يراعي عبارة الموكل ولفظه.
ورأى الصاحبان وباقي المذاهب: أنه يتقيد الوكيل بالمتعارف استحساناً؛ لأن الإطلاق مقيد عرفاً وعادة بالكفء وبالمهر المألوف، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، فإذا زوجه امرأة كفئاً ملائمة له، وهي السليمة من العيوب وبمهر لا غبن فيه، كان الزواج نافذاً على الموكل، وإن زوجه بعمياء أو مقطوعة اليدين أو مفلوجة أو مجنونة أو رتقاء، أو بمهر مصحوب بغبن فاحش، توقف العقد عند الصاحبين والمالكية على إجازة الموكل، لمخالفته المعروف بين الناس في الوكالات. ولم يصح العقد عند الشافعية والحنابلة.
(١) الفرق بين الرجل والمرأة: أن المرأة تعير بغير الكفء، فيتقيد إطلاقها به، بخلاف الرجل فإنه لا يعيره أحد بعدم كفاءتها له: لأنه مستفرش واطئ لا يغيظه دناءة الفراش.