للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القدرة. وعرضه: شِكايته، وعقوبته: حبسه. وبناء عليه يجوز الحبس، ولكن بشروط أوضحها الفقهاء.

قال الحنفية (١): للقاضي أن يحبس المدين رجلاً أو امرأة بدينه في كل دين التزمه بعقد كالمهر والكفالة إذا كان غنياً، أو اشتبه على القاضي حال يساره وإعساره، ولم يقم عنده حجة على أحدهما، فإذا حبسه شهرين أو ثلاثة أشهر، ولم يظهر له مال في تلك المدة، فإنه يطلق سراحه، وإن أقام البينة على أن لا مال له أي أنه فقير، خلى سبيله، للآية السابقة {فنظرة إلى ميسرة} [البقرة:٢٨٠/ ٢] ولا يضرب المحبوس بالدين ولا يخوَّف، ولا يغل بقيد، ولا يجرد، ولا يوقف أمام صاحب الدين إهانة له، ولا يؤجر.

ويشترط للحبس شروط ثلاثة: في الدين، والمدين، والدائن:

أولهما ـ أن يكون الدين حالا ً، فلا يحبس في الدين المؤجل؛ لأن الحبس لدفع الظلم المتحقق بتأخير قضاء الدين، ولم يوجد ممن دينه مؤجل.

ثانيهما ـ يشترط في المدين شروط ثلاثة: هي القدرة على وفاء الدين: فلو كان معسراً لا يحبس، لقوله تعالى: {وإن كان ذو عسرة، فنظرة إلى ميسرة} [البقرة:٢٨٠/ ٢].

والمطل: وهو تأخير قضاء الدين، للحديث السابق «مطل الغني ظلم» (٢) فيحبس دفعاً للظلم، وحديث «ليّ الواجد ... » والحبس عقوبة، وما لم يظهر منه المطل، لا يحبس لانعدام المطل واللي منه.


(١) البدائع: ١٧٣/ ٧، تكملة الفتح: ٣٢٩/ ٧ - ٣٣٠، تبيين الحقائق: ١٩٩/ ٥.
(٢) رواه الجماعة: عن أبي هريرة (نيل الأوطار: ٢٣٦/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>