للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً ـ أحكام البغاة: ١) ـ قتالهم واستتابتهم:

إذا لم يكن للبغاة منعة، فللإمام أن يأخذهم ويحبسهم حتى يتوبوا.

وإن تأهبوا للقتال، وكان لهم منَعة (مكان محصن) وشوكة (سلاح)، يدعوهم الإمام إلى التزام الطاعة، ودار العدل، والرجوع إلى رأي الجماعة أولاً، كما يفعل مع أهل الحرب. فإن أبوا ذلك قاتلهم أهل العدل حتى يهزموهم ويقتلوهم، ويجوز قتل مدبريهم وأسراهم، والإجهاز على جريحهم عند الحنفية خلافاً لجمهور الفقهاء (١). ولا يبدؤهم الإمام بالقتال حتى يبدؤوه؛ لأن قتالهم لدفع شرهم. ودليل هذه الأحكام: هو قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا، إن الله يحب المقسطين} [الحجرات:٩/ ٤٩] وقال صلّى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه:

«إنك تقاتل على التأويل، كما تقاتل على التنزيل» (٢).

ولا بأس أن يقاتل البغاة بسلاحهم، ويرتفق بخيولهم إن احتاج المسلمون إليه؛ لأن للإمام أن يفعل ذلك في مال العادل عند الحاجة، ففي مال الباغي أولى.


(١) حاشية الدسوقي: ٣٠٠/ ٤، مغني المحتاج: ١٢٧/ ٤، المغني: ١١٤/ ٨، الكتاب مع اللباب: ١٥٤/ ٤ وما بعدها.
(٢) رواه أحمد وإسناده حسن عن أبي سعيد الخدري قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» وفي رواية «إن منكم» ثم في بعض الروايات عين رسول الله صلّى الله عليه وسلم المقصود بهذا الخطاب، وهو سيدنا علي (راجع مجمع الزوائد: ٢٤٤/ ٦، ١٣٣/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>