للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافعية في الأرجح عندهم وفي وجه عند الحنابلة: الضمان على المكره والمستكره؛ لأن الإتلاف صدر من المستكره حقيقة، ومن المكره بالتسبب، والتسبب في الفعل والمباشرة سواء، لكن يستقر الضمان في النهاية على المكره في الأصح.

وإن كان الإكراه ناقصا ً: فالضمان على المستكره عند الحنفية والمالكية والظاهرية والشافعية والحنابلة؛ لأن الإكراه الناقص لا يسلب الاختيار أصلاً، فلم يكن المستكره مجرد آلة للمكره، فكان الإتلاف من المستكره، فوجب الضمان عليه (١).

النوع الثالث، وفيه بحثان:

١ً ـ الإكراه على القتل: اتفق الفقهاء على تأثيم من أكره على القتل، فقتل، واختلفوا في القصاص منه إذا كان الإكراه تاما ً.

فقال أبو حنيفة ومحمد، وداود، وأحمد في رواية، والشافعي في أحد قوليه: لا قصاص على المستكره، وإنما يقتص من المكره، ويعزر المستكره فقط، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «عفوت عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» والعفو عن الشيء عفو عن مقتضاه، فكان مقتضى ما أكره عليه عفواً، ولأن المستكره مجرد آلة للمكره، إذ القاتل في المعنى هو المكره، وإنما الموجود من المستكره صورة القتل، فأشبه المستكره الآلة، ولا قصاص على الآلة.


(١) المراجع السابقة، البدائع: ص ١٧٩، مجمع الضمانات: ص٢٠٥، اللباب شرح الكتاب: ١١٢/ ٤، تكملة فتح القدير: ٣٠٢/ ٧، تبيين الحقائق: ص١٨٦، المحلى لابن حزم: ٢٨١/ ٨، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص١٧٩، قواعد الأحكام: ١٣٢/ ٢، تهذيب الفروق: ٢٠٣/ ٢، الفروق: ٢٠٨/ ٢، كشاف القناع: ٩٨/ ٤، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي: ٤٤٤/ ٣، القواعد لابن رجب: ص ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>