للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلماً قتل اتفاقاً. واختلف هل يستتاب أو لا، المشهور عند المالكية عدم الاستتابة وإن كان كافراً، فإن سب بغير ما به كفر، فعليه القتل، وإلا فلا قتل عليه (١).

شروط صحة الردة: اتفق العلماء على اشتراط شرطين لصحة الردة:

الأول ـ العقل: فلا تصح ردة المجنون والصبي الذي لا يعقل؛ لأن العقل من شرائط الأهلية في الاعتقادات وغيرها.

وأما السكران الذاهب العقل، فلا تصح ردته استحساناً عند الحنفية؛ لأن الأمر يتعلق بالاعتقاد والقصد، والسكران لا يصح عقده ولا قصده، فأشبه المعتوه، ولأنه زائل العقل فلم تصح ردته كالنائم، ولأنه غير مكلف، فلم تصح ردته كالمجنون (٢).

وقال الشافعية على المذهب عندهم، والحنابلة في أظهر الروايتين عن أحمد: تصح ردة السكران المتعدي بسكره، وإسلامه، كما يصح طلاقه وسائر تصرفاته، ولأن الصحابة أوجبوا عليه حد الفرية التي يأتي بها في سكره، وأقاموا مظنة الافتراء مقامه (٣)، ولكن لا يقتل وهو سكران إن ارتد حتى يستتاب بعد بلوغ وصحو ثلاثة أيام. وأما البلوغ فليس بشرط عند أبي حنيفة ومحمد والمالكية والحنابلة، فتصح ردة الصبي المميز، لكن عند أبي حنيفة ومحمد: لا يقتل ولا يضرب، وإنما يعرض عليه الإسلام جبراً (٤) عند البلوغ ويحبس ويضرب. وإذا


(١) القوانين الفقهية: ص ٣٦٤ وما بعدها، غاية المنتهى: ٣٥٩/ ٣، ٣٦٢.
(٢) البدائع: ١٣٤/ ٧، الدر المختار: ٣١١/ ٣ وما بعدها.
(٣) مغني المحتاج: ١٣٧/ ٤، المغني: ١٤٧/ ٨ وما بعدها.
(٤) وهذا مثل الصبي الذي حكم بإسلامه تبعاً لأبويه، ثم بلغ كافراً، ولم يسمع منه الإقرار بالردة بعد البلوغ، فإنه يجبر على الإسلام، ولايقتل. فإن أقر بالإسلام بعد البلوغ ثم ارتد يقتل. (الدر المختار ورد المحتار: ٣٣٥/ ٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>