للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الصاحبان: يحنث سواء شرب كرعاً أو بإناء أو اغترف بيده. دليلهما: أن مطلق اللفظ ينصرف إلى المتعارف عند أهل اللغة. والمتعارف عندهم: أن من رفع الماء من النهر بيده أو بإناء أنه يسمى شارباً من النهر، فيحمل مطلق الكلام على غلبة المتعارف، وإن كان مجازاً بعد أن كان متعارفاً، كما ذكرت قريباً، وهو مثل ما لو حلف لا يأكل من هذه الشجرة، فإنه ينصرف إلى الثمرة. ودليل أبي حنيفة: أن مطلق الكلام محمول على الحقيقة، وحقيقة الشرب من النهر: هو أن يكرع منه كرعاً بأن يضع فاه عليه فيشرب منه.

الشرب من الجب أو البئر: إن حلف لا يشرب من ماء هذا الجب (١) أو البئر فاغترف بإناء أو بيده من الأول واستقى من الثاني وشرب: يحنث بالاتفاق، لأنه لا يمكن الشرب منه كرعاً.

فلو حلف لا يشرب من هذا الجب: فهو على الاختلاف الذي ذكرته في الحلف من دجلة أو الفرات، فلا يحنث عند أبي حنيفة ما لم يكرع منه. وعند الصاحبين: يحنث مطلقاً (٢).

الحلف على الغداء والعشاء والسحور: الغداء والعشاء والسحور عبارة عن أكل ما يقصد به الشبع عادة، ويعتبر غداء كل بلدة: ما تعارفه أهلها، فإن كان خبزاً فخبز، وإن كان لحماً فلحم، حتى إن الحضري إذا حلف على ترك الغداء، فشرب اللبن لم يحنث، والبدوي بخلافه، لأنه غداء في البادية أي أن المعتبر فيما يتغدى به عادة أهل بلد الحالف.

ولا بد من أن يأكل أكثر من نصف الشبع في غداء وعشاء وسحور.


(١) الجب بضم الجيم: البئر العميقة.
(٢) المبسوط: ١٨٦/ ٨ ومابعدها، البدائع: ٦٦/ ٣، فتح القدير: ٥٨/ ٤ ومابعدها، تبيين الحقائق: ١٣٤/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>