للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الصاحبان: العبرة بوقت الإصابة لا وقت الرمي؛ لأن المعول عليه هو وقت التلف، ووقت التلف هو وقت الإصابة.

فمن رمى غيره برصاصة، فارتد المرمي بعد الرمي وقبل الإصابة، يكون الجاني مطالباً بالدية عند أبي حنيفة؛ لأنه كان معصوماً عند الرمي، وليس مطالباً عند الصاحبين؛ لأن المجني عليه لم يكن معصوماً وقت الإصابة.

واتفق غير الحنفية (مالك والشافعي وأحمد) (١) مع الصاحبين في رأيهما بتحديد وقت العصمة، وهو وقت الفعل (ضرباً أو جرحاً) ووقت الموت معاً، أي حال البدء وحال الانتهاء، فيشترط كون المجني عليه معصوماً من حين الضرب أو الجراح إلى حين الموت. فلو قطع شخص يد مسلم، فارتد، ثم مات بسراية الجرح، فالنفس هَدَر، أي لم يجب في النفس قصاص ولا دية ولا كفارة؛ لأنها نفس مرتد غير معصوم ولا مضمون.

لكن اختلف غير الحنفية في تحديد وقت العصمة حال الرمي، فقال المالكية والشافعية: إنه وقت الرمي. وقال الحنابلة: إنه حالة الإصابة.

[الركن الثاني ـ القتل نتيجة لفعل الجاني]

لا تعد الجريمة قتلاً إلا إذا ارتكب الجاني فعلاً من شأنه إحداث الموت. فإن حدث الموت بفعل لا يمكن نسبته إلى الجاني، أو لم يكن فعله مما يحدث الموت، فلا يعد الجاني قاتلاً.

والفعل القاتل يصح أن يكون ضرباً أو جرحاً، أو ذبحاً أو حرقاً أو خنقاً أو


(١) الشرح الكبير للدردير: ٢٣٨/ ٤ وما بعدها، ٢٤٩، مغني المحتاج: ٢٣/ ٤، المغني: ٦٥٣/ ٧ - ٦٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>