للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حادثة سارق رداء صفوان: «فهلا ـ أي عفوت عنه ـ قبل أن تأتيني به» فلم يعمل

الرسول بقول صفوان: «إني لم أرد هذا ـ أي قطع يده ـ هوـ أي الرداء ـ عليه صدقة» (١).

والرأي الأول هو المشهور عن مالك والراجح في مذهبه، فيجوز عنده للمقذوف العفو عن قاذفه قبل بلوغ الإمام أو نائبه، أو بعد بلوغه إليه إن أراد المقذوف ستراً على نفسه، كأن يخشى أنه إن ظهر أمره قامت عليه بينة بما رماه به. أما إن لم يرد المقذوف الستر، فلا يجوز له العفو عن القاذف بعد بلوغ الإمام أو نائبه، لصيرورته حقاً لله تعالى.

[المبحث الخامس ـ إثبات القذف]

تثبت جرائم الحدود كلها عند القاضي بالبينة أو بالإقرار، بشرط توافر شروط معينة، بعضها في وسيلة الإثبات نفسها، أي في البينة أو الإقرار، وبعضها يتوقف عليها النظر في إثبات الحد بالوسائل المذكورة، وهو شرط الخصومة (٢)، أي رفع الدعوى.

الخصومة: الخصومة معناها: رفع الدعوى، وهي ليست بشرط في حد الزنا والشرب، ولكنها شرط في ثبوت حد السرقة كما سأبين، وشرط في ثبوت حد


(١) أخرجه الموطأ وأحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه ابن الجارود والحاكم عن صفوان بن أمية. ورواية الموطأ: أن صفوان بن أمية قيل له: إنه إن لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد وتوسد رداءه، فجاء سارق، فأخذ رداءه. فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فهلا قبل أن تأتيني به. (راجع تنوير الحوالك شرح موطأ مالك: ٤٩/ ٣، جامع الأصول: ٣٤٢/ ٤، مجمع الزوائد: ٢٧٦/ ٦، نصب الراية: ٣٦٨/ ٣، سبل السلام: ٢٦/ ٤).
(٢) البدائع: ٤٦/ ٧، ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>