للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أحسن ما ذكره ابن رشد عن النواقض الثلاثة الأخيرة، فقال: شذ أبو حنيفة فأوجب الوضوء من الضحك في الصلاة لمرسل أبي العالية ... الخ وشذ قوم فأوجبوا الوضوء من حمل الميت، وفيه أثر ضعيف: (من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ) وذهب قوم من أهل الحديث: أحمد وإسحاق وطائفة غيرهم: أن الوضوء يجب فقط من أكل لحم الجزور، لثبوت الحديث الوارد بذلك عنه عليه الصلاة والسلام (١).

١١ً - الشك في الوضوء: قال المالكية في المشهور من المذهب: من تيقن الطهارة أو ظنها، ثم شك في الحدث، فعليه الوضوء، وإن تيقن الحدث وشك في الطهارة فعليه الوضوء؛ لأن الذمة عامرة فلا تبرأ إلا بيقين.

وقال الجمهور غير المالكية وهو الأولى: لا ينتقض الوضوء بالشك، فمن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين، وهو الطهارة الأولى، والحدث في الثانية، لحديث عبد الله بن زيد قال: «شُكي إلى النبي صلّى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (٢)، ولأنه إذا شك تعارض عنده الأمران، فيجب سقوطهما، كالبينتين إذا تعارضتا، تساقطتا، ويرجع إلى اليقين. وبناء عليه قرر الفقهاء قاعدة عامة وهي: (اليقين لا يزول بالشك).

١٢ً - ما يوجب الغسل: قال الحنابلة: ينتقض الوضوء بكل ما يوجب الغسل غير الموت، فإنه يوجب الغسل ولا يوجب الوضوء. ومن موجبات


(١) بداية المجتهد: ٣٩/ ١.
(٢) متفق عليه، بل رواه الجماعة إلا الترمذي. ولمسلم بمعناه مرفوعاً من حديث أبي هريرة، ولم يذكر فيه: (وهو في الصلاة).

<<  <  ج: ص:  >  >>