للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمانه كالعين المغصوبة ذاتها. وهذا الرأي هو المتفق مع العدالة، ومع ظروف العصر الحاضر المتجه إلى المادية، وتقويم كل الأشياء، حتى النواحي الأدبية أو الذهنية.

٤ً ـ غصب غير المتقوم: قال الحنفية (١): لا يضمن الغاصب خمر المسلم أو خنزيره إذا غصبه وهلك في يده أو استهلكه أو خلل الخمر، سواء أكان الغاصب مسلماً أم ذمياً؛ لأن الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم ويجب إراقتها، وكذا الخنزير غير متقوم، لكن لو قام الغاصب بتخليل خمر المسلم ثم استهلكها يضمن خلاً مثلاً لا خمراً؛ لأن الغصب حين وجوده لم ينعقد سبباً لوجوب الضمان، فإن استهلكه فقد وجد منه سبب الضمان، وهو إتلاف خلّ مملوك للمغصوب منه، فيضمن. وكذلك يضمن الغاصب جلد الميتة إذا دبغه، ويجب عليه فقط ما زاد الدباغ فيه؛ لأنه بالدبغ صار مالاً متقوماً.

ويضمن المسلم أو الذمي خمر الذمي أو خنزيره إذا استهلكه؛ لأن كلاً منهما مال عند أهل الذمة، فالخمر عندهم كالخل عندنا، والخنزير عندهم كالشاة عندنا؛ لأن لهم ماللمسلمين وعليهم ما على المسلمين، ونحن أمرنا بتركهم وما يدينون (٢)، وبه يقرون على بيعها. لكن تجب على المسلم قيمة الخمر، وإن كان من


(١) البدائع: ١٤٧/ ٧ وما بعدها، ١٦٢ وما بعدها، الدر المختار: ١٤٧/ ٥ - ١٤٩، تكملة فتح القدير: ٣٩٦/ ٧ - ٤٠٥، اللباب: ١٩٥/ ٢، تبيين الحقائق: ٢٢٢/ ٥.
(٢) هذا مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حيث قال: «إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا». «وأمرنا بتركهم وما يدينون» (نصب الراية: ٣٦٩/ ٤، تكملة فتح القدير: ٣٩٨/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>